عالم الطاقة

انتقادات لسياسة ترمب.. أسعار النفط عند 50 دولارًا تُضر أميركا (تقرير)

يستهدف الرئيس الأميركي دونالد ترمب خفض أسعار النفط إلى 50 دولارًا للبرميل أو أقل، زاعمًا أن هذا النطاق هو المناسب للمستهلكين؛ وهو الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا.

وخلال حملته الانتخابية، تحدّث ترمب، مرارًا وتكرارًا، عن أسعار البنزين المنخفضة جدًا البالغة 1.87 دولارًا للغالون -أي ما يعادل نحو 20 دولارًا للبرميل من النفط الخام- ووصفها بأنها “مكان مثالي.. رقم رائع للغاية”.

واحتدم الجدل حول أسعار النفط التي يسعى إليها ترمب في الأسبوع الماضي، بعد أن أشار أحد مستشاريه التجاريين، بيتر نافارو، إلى أن انخفاض النفط إلى 50 دولارًا للبرميل سيساعد في ترويض التضخم.

ومع ذلك، أكد تقرير حديث حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أن الفائدة التي تعود على المستهلكين الأميركيين قد تُهدد بخنق صناعة النفط نفسها التي يسعى الرئيس إلى التوسع فيها.

وقد حذّر المحللون من أن انخفاضًا أكبر بكثير قد يُصعّب على الإدارة تحقيق هدف آخر من أهدافها، وهو زيادة إنتاج الطاقة الأميركية بمقدار 3 ملايين برميل من النفط أو ما يعادلها يوميًا بحلول عام 2028.

إنتاج النفط الصخري الأميركي

تغيّرت آثار انخفاض أسعار النفط في الاقتصاد الأميركي خلال العقد الماضي؛ نتيجةً للتوسع الهائل في إنتاج النفط الصخري.

فقد ضخّت الولايات المتحدة أكثر من 13 مليون برميل يوميًا العام الماضي (2024)، مقارنةً بـ6 ملايين برميل في عام 2012، ما جعلها أكبر منتج للنفط في العالم ومُصدّرًا صافيًا له.

وعلى الرغم من أن انخفاض أسعار النفط كان -تاريخيًا- نعمةً للاقتصاد الأميركي، فإنه اليوم سيُقلل من إيرادات قطاع النفط، حتى مع خفض التكاليف على المستهلكين، بحسب ما أكده التقرير الذي نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times).

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، كانت آخر مرة انخفضت فيها أسعار النفط عن 50 دولارًا للبرميل في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 خلال جائحة فيروس كورونا؛ ولم تنخفض أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى 1.87 دولارًا للغالون منذ مايو/أيار 2020.

وانخفض خام برنت، وهو المعيار العالمي، إلى 68 دولارًا للبرميل الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى له في 3 سنوات، في الوقت الذي أكد فيه تحالف أوبك+ خططه لزيادة الإنتاج تدريجيًا، مع بدء التخلص من التخفيضات الطوعية من قِبل 8 دول بقيادة السعودية.

من جانبه، صرّح وزير الطاقة الأميركي كريس رايت للصحفيين هذا الأسبوع، بأن الإدارة ليس لديها سعر مستهدف للنفط الخام.

ومع ذلك، فقد كرّر مزاعمه السابقة بأن شركات النفط الأميركية ستتمكّن من زيادة الإنتاج، حتى بأسعار منخفضة تصل إلى 50 دولارًا، من خلال تخفيف القيود التنظيمية وغيرها من العوائق أمام الإنتاج.

وقال إن الهدف هو “تشجيع الاستثمار الرأسمالي، وتسهيل بناء البنية التحتية، وبالتالي خفض تكاليف اتخاذ القرارات المتعلقة بحفر آبار النفط والغاز وزيادة العرض”، مضيفًا أن “زيادة العرض ستؤدي إلى انخفاض الأسعار وزيادة الفرص”.

تداعيات انخفاض أسعار النفط على أميركا

تعليقًا على تداعيات انخفاض أسعار النفط، قال كبير الاقتصاديين في شركة ريستاد إنرجي، كلاوديو غاليمبيرتي: “إن سعر 50 دولارًا للبرميل سيضرّ بالولايات المتحدة أكثر مما ينفعها، ولن يسمح لها -بالتأكيد- بإنتاج المزيد من النفط، وهو أمر يرغب ترمب أيضًا في رؤيته.. الهدفان غير متوافقين”.

سياسة ترمب النفطية

وتقدّر شركة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) أن متوسط سعر التعادل لمنتجي النفط الصخري الأميركي في عام 2025 هو 45 دولارًا للبرميل.

وصرّح العديد من المحللين والمديرين التنفيذيين في قطاع النفط بأن عددًا كبيرًا جدًا من منتجي النفط الصخري الأميركي لن يحققوا أرباحًا عند سعر 50 دولارًا للبرميل، ما سيعوق زيادة الإنتاج الأميركي.

وقال أحد رواد ثورة النفط الصخري الأميركي، سكوت شيفيلد، إن سعر النفط عند 50 دولارًا أجبر منتجي النفط الصخري الأميركي على خفض الإنتاج؛ ما سمح لدول أخرى، خاصة أعضاء أوبك، بزيادة حصتها السوقية ورفع الأسعار لاحقًا، بحسب ما جاء في التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف شيفيلد: “سيمنح هذا أوبك والسعودية سيطرة أكبر بحلول عام 2030؛ ما سيمكّنهما من زيادة حصتهما السوقية بصورة كبيرة.. لا أعتقد حقًا أنهم فكروا في العواقب.. إنه أمر جيد للمستهلك، ولكنه سيكون سيئًا للغاية بالنسبة إلى الطاقة الأميركية”.

وقال رئيس أبحاث السلع لدى بنك ستاندرد تشارترد (Standard Chartered)، بول هورسنيل، إن سعر 50 دولارًا للبرميل من النفط الخام “سيبدو انتصارًا باهظ الثمن”.

وتابع: “ربما ما تزال اقتصادات النفط الصخري فاعلة في بعض الأجزاء الصغيرة من أحواض ديلاوير وميدلاند، لكن المناطق الأخرى، بما في ذلك أوكلاهوما، وروكي، وباكن، وجنوب تكساس، ستواجه صعوبة في الاستمرار”.

وأشار الخبير الإستراتيجي العالمي للنفط في بنك مورغان ستانلي، مارتين راتس، إلى أن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب على واردات المواد الأساسية، بما في ذلك الألومنيوم والصلب، أدت إلى ارتفاع تكاليف منتجي النفط في الوقت نفسه الذي طلبت فيه إدارته منهم مواصلة الحفر. وأضاف: “هذه الأمور ترفع نقطة التعادل إلى أعلى، ولا تخفضها”.

توقعات أسعار النفط

كان عدد من كبار الخبراء قد كشفوا لمنصة الطاقة المتخصصة عن توقعاتهم لأسعار النفط، بعد أن أكدت 8 دول من تحالف أوبك+ التخلص من تخفيضات الإنتاج الطوعية بدءًا من شهر أبريل/نيسان المقبل.

وتوقّع كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، أن يمارس الارتفاع التدريجي في إنتاج أوبك+ بعض الضغوط الهبوطية على أسعار النفط.

وأشار شوكري -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية بأن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 74 دولارًا للبرميل في عام 2025، مع انخفاض محتمل إلى 66 دولارًا للبرميل في عام 2026، بسبب ارتفاع المخزونات العالمية.

انخفاض أسعار النفط

وصرّح محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري، جيوفاني ستانوفو، بأن هناك احتمالًا لحدوث انتكاسات مؤقتة في الأسعار في الأمد القريب، لكنه توقع تعافي الأسعار بمجرد أن تدرك السوق أن الإضافات صغيرة، وأن الأساسيات تظل داعمة.

وأوضح رئيس تحرير منصة “بتروليوم إيكونوميست”، بول هيكن، أنه إذا بدأت السوق إدراك أن رواية العرض القوي من خارج أوبك كاذبة، خاصةً بالنظر إلى التقديرات المبالغ فيها في السوق للمنتجين الرئيسين مثل الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج، فمن المرجح أن تظل أسعار النفط في نطاق 70-80 دولارًا للبرميل بعد هبوط أولي محتمل.

وقال المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، المدير العام للتسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، إن قرار بدء التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج يُمكن أن يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط خلال المدّة المقبلة لمستوى لن يقلّ عن 60 دولارًا.

بدوره، رأى الشريك، مدير المحفظة الأول في شركة ناين بوينت بارتنرز (Ninepoint Partners)، إريك نوتال، أن أسعار النفط قد تصل إلى أواخر أو منتصف الـ60 دولارًا للبرميل.

موضوعات متعلقة..

  • تقرير يتوقع انخفاض متوسط أسعار النفط إلى 73 دولارًا في 2025
  • تقرير أميركي يرفع توقعات أسعار النفط في 2025 للمرة الثانية على التوالي
  • أسعار النفط في 2026.. إدارة معلومات الطاقة تعلن أول توقعاتها

اقرأ أيضًا..

  • شيفرون تبحث عن بدائل النفط الفنزويلي.. السعودية والكويت في المقدمة
  • موريتانيا تسيطر على تسرب الغاز من حقل السلحفاة أحميم
  • التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي.. انطلاق برنامج حفر جديد في أميركا
  • خسائر قطاع الكهرباء في لبنان تتجاوز 300 مليون دولار نتيجة الحرب الإسرائيلية

المصادر:

  1. تداعيات انخفاض أسعار النفط على صناعة الطاقة الأميركية من صحيفة “فايننشال تايمز”.
  2. توقعات الخبراء لأسعار النفط مع بدء التخلص التدريجي من تخفيضات أوبك+ الطوعية من منصة الطاقة المتخصصة.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى