عالم الطاقة

التبريد بالطاقة الشمسية.. تقنية عراقية جديدة لتقليل استهلاك الكهرباء 

تمثّل تقنيات التبريد بالطاقة الشمسية حلًا مثاليًا لتسريع التوسع في استعمالات الطاقة النظيفة في المنازل والمنشآت التجارية والصناعية، ولا سيما مع ارتفاع الطلب على الكهرباء خلال فصل الصيف.

وفي هذا الإطار، توصلت باحثة عراقية إلى تقنية جديدة لاستعمال الطاقة المتجددة في التبريد -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- من خلال تصميم وتنفيذ منظومة تكييف امتصاصية تعمل بالطاقة الشمسية.

وجاء ذلك خلال رسالة الباحثة في كلية الهندسة بجامعة ذي القار العراقية المهندسة سناء محسن، التي حصلت بها على شهادة الماجستير بتقدير امتياز في الهندسة الميكانيكية، بإشراف أستاذ الطاقة والحراريات الدكتور مشتاق إسماعيل الإبراهيمي.

وتُعدّ هذه الفكرة واعدة للتطبيق في العراق؛ نظرًا لتميّز البلاد بتعرُّضها لأكثر من 3000 ساعة من السطوع الشمسي سنويًا.

عيوب تقنيات التبريد الحالية

قال أستاذ الطاقة والحراريات بجامعة ذي القار الدكتور مشتاق الإبراهيمي، إن قطاع التكييف يُعدّ المستهلك الأكبر للطاقة الكهربائية حول العالم في جميع القطاعات السكنية والتجارية والصناعية.

وأضاف أن المشكلة تظهر بشكل أكبر في المناطق الحارة مثل الدول العربية ودول الشرق الأوسط التي تعاني من درجات حرارة مرتفعة للغاية، ولا سيما خلال فصل الصيف، الذي يمتد لعدّة أشهر.

أستاذ الطاقة والحراريات بجامعة ذي القار الدكتور مشتاق الإبراهيمي خلال مناقشة ماجستير حول التبريد بالطاقة الشمسية
أستاذ الطاقة والحراريات بجامعة ذي القار الدكتور مشتاق الإبراهيمي خلال مناقشة ماجستير حول التبريد بالطاقة الشمسية

وتابع أن مشكلة المنظومات وأجهزة التكييف الحالية تتمثل في اعتمادها على العمل بدورة التثليج الانضغاطية vapor compression cycle، مشيرًا إلى أنها تقنية تستهلك قدرًا هائلًا من الطاقة الكهربائية.

واستطرد قائلًا: “هناك نوع أخر من تقنيات التبريد يسمى دورة التثليج الامتصاصية Absorption Refrigeration Cycle، التي تمتاز باعتمادها على الطاقة الحرارية وعدم حاجتها إلى استعمال الكهرباء للتشغيل”.

دورة التثليج الامتصاصية

أوضح الإبراهيمي -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن دورة التثليج الامتصاصية تعتمد في تشغيلها على وجود مصدر للحرارة، سواء ماء ساخن أو بخار حار أو فضلات المعامل والمنشآت الصناعية التي تشتمل على ماء أو بخار حار.

ولفت إلى أن هناك توجّهًا -حاليًا- لتطوير منظومات التبريد باستعمال دورة التثليج الامتصاصية وتشغيلها وربطها على مجمعات الطاقة الشمسية.

وتُحوَّل الطاقة بالمجمعات الشمسية solar collector إلى حرارة من خلال تسخين المياه، وهذه المياه الحارة تعمل على توفير الحرارة المطلوبة لتشغيل دورة التثليج الامتصاصية.

تقنية عراقية جديدة للتبريد بالطاقة الشمسية

وأشار الدكتور مشتاق الإبراهيمي إلى أن هناك عدّة أنواع من دورات التثليج الامتصاصية حسب الموائع المستعمَلة في التبريد، إذ يُستعمل بروميد الليثيوم مع الماء في تطبيقات التبريد نظرًا لأن درجات الحرارة بها لا تقل عن الصفر المئوي.

أمّا في تطبيقات التجميد، فيُستعمل مائع الأمونيا مع الماء؛ نظرًا لأن درجة الحرارة هنا يمكنها أن تنخفض عن الصفر المئوي.

استغلال الطاقة المتجددة

قال الإبراهيمي، إن الباحثة عملت على تطوير هذه الفكرة بغرض الاستفادة من الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية لتوفير كمية الحرارة اللازمة لتشغيل دورات التثليج الامتصاصية.

وأضاف -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن هذا التوجه يسهم في تقليل استهلاك الكهرباء إلى حدّ كبير، مشيرًا إلى وجود تناسب طردي بين الحاجة إلى التبريد ووجود الحرارة.

وتابع أن الحاجة إلى المكيفات تزداد بصورة خاصة خلال أوقات النهار، خاصة وقت الظهيرة، وهو الوقت الذي تكون فيه ذروة الأشعة الشمسية؛ لذا يمكن الاستفادة من الطاقة الشمسية لتشغيل دورة التثليج الامتصاصية.

استعمال المجمعات الشمسية

اعتمدت الدراسة على تصميم منظومة تبريد امتصاصية تعمل باستعمال مجمع شمسي من نوع الأنبوب المفرغ Heated pipe Evacuated tube solar collector.

وهذا النوع من المجمعات الشمسية يمتاز بتوليد درجات حرارة عالية جدًا، يمكنها أن توفر الحرارة المطلوبة لتشغيل دورة التثليج الامتصاصية.

جانب من فعاليات مناقشة رسالة ماجستير لباحثة عراقية حول التبريد بالطاقة الشمسية
جانب من فعاليات مناقشة رسالة ماجستير لباحثة عراقية حول التبريد بالطاقة الشمسية

ولفت الإبراهيمي إلى أن دورات التثليج الامتصاصية هي فكرة قديمة اكتُشِفت قبل دورة التثليج الانضغاطية، إلّا أن مشكلتها الرئيسة تتمثل في توفير الحرارة اللازمة للتشغيل.

وأوضح الإبراهيمي أن هذه التقنية كانت تعتمد في التشغيل على استعمال محرق لتوفير الحرارة بحرق الوقود الأحفوري من النفط والغاز، إلّا أنها كانت عملية تنطوي على الكثير من المخاطر والأضرار البيئية، بجانب صعوبة توفير المياه أو البخار الحار لتشغيله.

أمّا الآن، ومع التوجه لاستعمال مصادر الطاقة المتجددة، فقد أصبح بالإمكان تطوير هذه الدورة، وتشغيلها بالاعتماد على الطاقة الشمسية، ومن ثم تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية.

موضوعات متعلقة..

  • تسخين المياه بالطاقة الشمسية.. تقنية ثورية تستعمل الألواح الديناميكية الحرارية
  • رفع كفاءة مكيفات الطاقة الشمسية.. تقنية عراقية تدعم نشر الطاقة النظيفة
  • مكيفات الطاقة الشمسية في الدول العربية.. خبير طاقة يكشف أسباب عدم انتشارها

اقرأ أيضًا..

  • جولة تراخيص التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا.. خريطة المناطق والاحتياطيات المكتشفة
  • منظمة الهيدروجين الأخضر: 3 دول عربية مؤهلة للريادة والتصدير إلى أوروبا (حوار)
  • حقول النفط والغاز في الكويت.. معلومات حصرية عن الاحتياطيات والإنتاج (ملف خاص)
  • تحميل شحنة نفط جزائرية نادرة.. أين ذهبت؟
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى