عالم الطاقة

السلام بين روسيا وأوكرانيا.. الرابحون والخاسرون في أسواق الغاز (تحليل)

اقرأ في هذا المقال

  • ترمب يريد إنهاء الحرب الأوكرانية بأيّ ثمن، وأوروبا تخشى غياب الضمانات
  • عودة إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا مرهونة بصيغة السلام المحتمل ومدى استدامته
  • أميركا قد ترفع العقوبات على روسيا من جانب واحد إذا فرضت سلامًا قسريًا
  • صناعة الغاز المسال الأميركية أكثر المتضررين من السلام المستقر والدائم
  • أسعار الغاز قد تنخفض بدرجات مختلفة في حالة السلام الجزئي أو الشامل

اقترب الأمل في تحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، مع إلحاح الرئيس الأميركي دونالد ترمب على إنهاء الحرب المدمرة المستمرة منذ 3 سنوات، عبر الوساطة والجهود الدبلوماسية.

وتختلف التقديرات حول الآثار المحتملة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ومستقبل إمدادات الغاز العالمية وأسعاره، في حال رفع العقوبات عن موسكو.

في هذا السياق، توقَّع تحليل حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن تتأثر إمدادات الغاز الطبيعي والمسال العالمية بدرجات متفاوتة حسب شكل السلام بين روسيا وأوكرانيا ومدى تحقيقه لمصالح الأطراف المتصارعة، وخاصة أوروبا التي يسعى ترمب إلى تهميشها من عملية السلام.

ورسم التحليل 3 سيناريوهات لمستقبل سوق الغاز في أوروبا وأميركا والعالم، أسوأها يفترض فشل أيّ اتفاق سلام لعدم التزام الأطراف، وأفضلها الوصول إلى صيغة سلام مستقر ودائم.

مخاوف السلام بين روسيا وأوكرانيا

يلحّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، على ضرورة وقف الحرب وإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا عبر الوساطة الأميركية الضاغطة على أطراف النزاع، لكنه يواجه اعتراضات منهم بسبب تساهله في الشروط والضمانات المطلوبة.

وتخشى أوروبا من تسرُّع الرئيس ترمب وإلحاحه على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بأيّ ثمن؛ ما قد يؤدي إلى سلام يمكن أن ينهار في أيّ لحظة، ويعرّض أمن القارة المستقبلي لمخاطر الغزو الروسي مجددًا.

ورغم أن شروط السلام بين روسيا وأوكرانيا ستحدد مستقبل كييف، فإنها ستحدد -أيضًا- مدى استعداد الولايات المتحدة وأوروبا لإعادة بناء العلاقات السياسية والاقتصادية مع روسيا في ملفات عديدة، من أبرزها تجارة الطاقة.

خلاف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض حول مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا
خلاف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض حول مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا – الصورة من france24

ومن المتوقع أن تطلب روسيا رفع العقوبات المفروضة على صادراتها من الطاقة، إضافة إلى رفع العقوبات عن مشروعاتها الجديدة للغاز المسال.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ألمح -مؤخرًا- إلى احتمال عودة إمدادات الغاز الروسي عبر الأنابيب إلى أوروبا في إطار مفاوضات السلام القائمة مع ترمب.

ورغم أن عودة الغاز الروسي إلى أوروبا أصبحت مسألة صعبة على معظم دول القارة، فإن احتمال إسهام ذلك في خفض أسعار الغاز والكهرباء، قد يُضعف محاولات المناهضين لعودته داخل الاتحاد الأوروبي، بحسب تحليل شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.

سيناريوهات السلام بين روسيا وأوكرانيا

يفترض السيناريو الأول أن فشل الاتفاق حول إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز لمدة أطول، مع استمرار انخفاض الإمدادات الروسية إلى أوروبا.

ويستند هذا السيناريو إلى أن استمرار الحرب سيدفع الولايات المتحدة وأوروبا إلى مضاعفة الدعم العسكري لأوكرانيا مع تشديد العقوبات على موسكو، بفرض قيود إضافية على قدرتها في تصدير الغاز الطبيعي عبر الأنابيب والغاز المسال، بحسب تحليل وود ماكنزي.

كما سيسعى الاتحاد الأوروبي إلى بذل جهود أكبر لتحقيق طموحه في الاستقلال التام عن الطاقة الروسية، عبر حظر واردات الغاز المسال من مشروع يامال الروسي، الذي تأتي منه أغلب الواردات الحالية.

إضافة إلى ذلك، قد يفكر الاتحاد في حظر واردات الغاز الروسي عبر خط أنابيب ترك ستريم الذي تبلغ طاقته 15 مليار متر مكعب سنويًا، وهو المسار الوحيد المتبقي لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا بعد انتهاء اتفاقية المرور من أوكرانيا نهاية 2024.

ورغم أن التفكير في مثل هذا الحظر سيصبّ في صالح الدول المنافسة لروسيا بتصدير الغاز عبر الأنابيب أو الغاز المسال إلى أوروبا، مثل النرويج و الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، فإن ذلك سيزيد من معاناة مستهلكي الغاز الأوروبيين.

الرابحون والخاسرون في السيناريو الثاني

يفترض السيناريو الثاني فرض سلام قسري على روسيا وأوكرانيا، عبر ممارسة مزيد من الضغوط الأميركية على أوروبا وكييف للقبول بأيّ صيغة يتوصل إليها ترمب مع بوتين.

وإذا حدث ذلك، فمن المتوقع أن تتّسع الفجوة بين الولايات المتحدة وأوروبا في تسوية ملف تجارة الطاقة، وقد يؤدي ذلك إلى عودة محدودة للغاز الروسي عبر الأنابيب والغاز المسال إلى السوق.

ورغم أن الاتحاد الأوروبي قد يظل محافظًا على موقفه من روسيا، فإن ضمان وحدته قد يتطلب إجراء نوع من المساومة تشمل السماح باستمرار بعض تدفّقات الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى المجر وسلوفاكيا، للحيلولة دون استعمال الموالين لموسكو داخل الاتحاد حق الفيتو ضد تمديد العقوبات على روسيا.

على الجانب الآخر، يتوقع سيناريو السلام القسري اتخاذ ترمب قرارات لتخفيف العقوبات الأميركية على روسيا، ما قد يسمح بنمو صادرات الغاز المسال الروسية.

ورغم ذلك، فإن حظر الاتحاد الأوروبي للصادرات من مشروع أركتيك 2 في القطب الشمالي قد يحدّ من صادرات روسيا خلال الشتاء، ويخفض إنتاجه السنوي إلى 6 ملايين طن سنويًا.

ويتوقع تحليل وود ماكنزي أن تؤدي العودة المحدودة للغاز الروسي عبر الأنابيب والغاز المسال إلى استعادة توازن السوق بسرعة أكبر بداية من عام 2026، ما قد يخفض الأسعار ويدعم نمو الطلب الأوروبي على الغاز.

ورغم ذلك، فإن مشروعات الغاز المسال الأميركية قد تكون الخاسر المحتمل من هذا السيناريو الذي تُرفع فيه العقوبات على روسيا من جانب أميركا، وتظل من جانب أوروبا.

وقد يؤدي ذلك إلى تأخير قرارات الاستثمار النهائي في بعض المشروعات الأميركية المعلنة، لكن التأثير الإجمالي سيكون متواضعًا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

صناعة الغاز المسال الأميركية الخاسرة

يفترض السيناريو الثالث أن الوصول إلى اتفاق سلام مستقر مقبول من جميع الأطراف المتنازعة سيفتح الباب أمام عودة كميات كبيرة من الغاز الروسي إلى القارة العجوز.

وإذا أبدت أوروبا قبولها لدرجة من التقارب الاقتصادي مع روسيا في إطار مفاوضات السلام، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة وارداتها عبر خطوط الأنابيب إلى 50 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2027.

كما أن رفع العقوبات عن مشروعات الغاز المسال الروسي قد يرفع صادراتها بنحو 12 مليون طن سنويًا، حسب وود ماكنزي.

وصدّرت روسيا قرابة 33.6 مليون طن من الغاز المسال خلال العام الماضي، ذهب نصفها إلى أوروبا، حيث استورد الاتحاد الأوروبي وحده قرابة 17.36 مليون طن، بقيادة فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة الموضحة في الرسم البياني التالي:

الغاز المسال الروسي

وإذا تحقق هذا السيناريو، فمن المتوقع أن تهبط أسعار الغاز الأوروبية إلى أقل من 8-9 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بحلول عام 2028 أو 2029 على الأكثر.

على الجانب الآخر، ستكون مشروعات الغاز المسال الأميركية الخاسر الأكبر من هذا السيناريو، وسط ضعف القدرة على تصريف الطاقة الإنتاجية المتوسعة للغاز المسال؛ ما قد يؤدي إلى تأخير العديد من قرارات الاستثمار النهائية المتوقعة للمشروعات الجديدة.

وتقدّر وود ماكنزي القدرة الإنتاجية المعرّضة لمخاطر عدم الاستغلال الكامل في الولايات المتحدة خلال السنوات الـ5 المقبلة بنحو 25 مليون طن سنويًا.

ورغم ذلك، فإن أسعار الغاز في أميركا ستنخفض نتيجة الانخفاض المتوقع لصادرات الغاز المسال، ما سيصبّ في صالح المستهلكين، ويحقق الهدف الرئيس لترمب في خفض الأسعار، كما سيعزز استعمال الغاز في قطاع توليد الكهرباء الأميركي.

موضوعات متعلقة..

  • الغاز الروسي مقابل إنهاء الحرب.. أوروبا تتطلع إلى صفقة سلام في أوكرانيا
  • خسائر قطاع الكهرباء في أوكرانيا من حرب روسيا تقارب 9 مليارات دولار (تقرير)
  • تقديرات المعادن النادرة في أوكرانيا تبلغ 15 تريليون دولار.. ترمب يريدها مقايضة (تقرير)

اقرأ أيضًا..

  • ما هي محطات الكهرباء في سوريا؟ (تقرير)
  • تهريب الوقود في ليبيا.. قصة “الصندوق الأسود” وأول رد رسمي
  • حريق محطة كهرباء يغلق أحد أكبر المطارات في العالم (فيديو وصور)
  • بي بي البريطانية تبيع حصة في خط غاز تاناب العابر للأناضول

المصادر:

تحليل آثار السلام بين روسيا وأوكرانيا في سوق الغاز العالمية من وود ماكنزي

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى