عالم الطاقة

خبير: إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية “معيبة”.. وكالة الطاقة الدولية ورَّطتْها

برهنت حالة السوق على مظاهر خلل في إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية، وسط اتهامات بـ”المبالغة” في تقدير أهداف الوقود النظيف وتطبيقاته.

وكانت الإستراتيجية قد أُطلقت عام 2019؛ بهدف إكساب أستراليا صبغة عالمية في صناعة الهيدروجين واستعمالاته المختلفة، بدءًا من الإنتاج حتى التصدير.

وعلى النقيض من هذا الهدف، كانت أستراليا أحد أبرز البلدان التي ضربت الصناعة بمقتل العام الماضي 2024، مع موجة تراجع عن مشروعات طموحة قادتها شركات طاقة نظيفة.

ودفعت هذه المتغيرات الخبراء ذوي الصلة إلى إعادة النظر في تقديرات منظمات وهيئات مثل وكالة الطاقة الدولية، فيما يتعلق بتكلفة التحليل الكهربائي، وفق مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

تقديرات وكالة الطاقة الدولية

اعتمدت إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية على تقديرات وكالة الطاقة الدولية وهيئة البحوث المحلية، وغيرها من المنظمات.

ويبدو أن الأزمة تكمن في الافتراضات التي كانت أساسًا راسخًا للإستراتيجية، وعلى رأسها تقدير تكلفة إنتاج الهيدروجين بأسعار زهيدة، طبقًا لما أورده خبير المناخ “مايكل برنارد” في مقاله بموقع رينيو إيكونومي.

محطة للتزود بالوقود في غرب أستراليا
محطة للتزود بالوقود في غرب أستراليا – الصورة من صفحة Podium Minerals في منصة إكس

وقال “برنارد”، إن التقارير الأوروبية والأسترالية حول أسعار نفقات أجهزة التحليل الكهربائي -العام الماضي- كشف ارتفاعًا في تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر من 3 إلى 4 أضعاف مقارنة بتقديرات عام 2020.

كما ارتفعت توقعات التكلفة بحلول عام 2050 لما يصل إلى 3 أضعاف، حسب بيانات بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.

واتّهم “برنارد” المنظمات السابق ذكرها بالتباطؤ في تصحيح التقديرات الخاطئة، خاصة أن الدراسات العالمية تُشير إلى قابلية نشر الهيدروجين وتطبيقاته، لكن مع التأكيد أن تكلفة إنتاجه ليست زهيدة.

وأدت “عدم واقعية” البيانات والتقديرات إلى اعتماد الخطة الأسترالية على تكلفة إنتاج غير دقيقة، وبالتبعية وضع مستهدفات مبالَغ بها.

كما أدت هذه الفجوة إلى تصنيف الإستراتيجية الأسترالية بأنها تعكس طموحًا قويًا، لكنه يحتاج إلى المراجعة، حتى تستفيد البلاد من إمكاناتها ومواردها بالقدر الأمثل.

تطبيقات الهيدروجين في أستراليا

تتنوع تطبيقات الهيدروجين في أستراليا، لكنها تقف في المرحلة الحالية عند مفترق طرق لتحديد إذا كانت هذه التطبيقات قابلة للتنفيذ أم لا.

وترى الحكومة الفيدرالية الحالية بقيادة أنتوني ألبانيز أن صناعة الهيدروجين ذات جدوى في التطبيقات الصناعية، في حين لم ترجّح استمرار استهداف ضخّه إلى المنازل أو استعماله وقودًا للسيارات.

وأشار وزير الطاقة في حكومة ألبانيز، كريس بوين، إلى أن انخراط الهيدروجين في تشغيل الصناعات النظيفة الجديدة مثل إنتاج الصلب الأخضر والأمونيا “أمر واقعي”، على عكس دخوله في منافسة “غير واقعية” مع الوقود الأحفوري.

وعلى الجانب الآخر، تفضّل غالبية المستهلكين السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات على سيارات خلايا وقود الهيدروجين، إذ إن استهلاك الطاقة في الأخيرة يرتفع 3 أضعاف.

وساعدت هذه الحقائق كاتب المقال على انتقاد صانعي السياسات في أستراليا، والتمسّك بمستهدفات سيارات خلايا الوقود.

وفرّقَ المقال بين الدور غير المرغوب به للهيدروجين في نقل الطاقة وإنتاج الكهرباء، والدور المستقبلي المهم للاستعمالات الصناعية.

استعمالات نظيفة وواقعية

خلص المقال إلى أنّ تمسُّك إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية بإزاحة الغاز، وضخّ الوقود النظيف في أغراض التدفئة والنقل، لم يكن هدفًا في موقعه الصحيح.

ويتوافق ذلك مع تقدير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بارتفاع تكلفة مزج الهيدروجين في شبكات الغاز المنزلية وعدم جدواه.

وبالنظر إلى متغيرات صناعة الصلب العالمية ومطالبات التخلص من الكربون، يمكن أن تستفيد أستراليا -بوصفها أكبر مُصدر عالمي لخام الحديد- من الهيدروجين الأخضر لإجراء عمليات اختزال مباشر وإنتاج الصلب النظيف.

ورغم جدوى هذه الاتجاه، فإن فرصه قد تتضاءل مقابل نمو اتجاه “كهربة” إنتاج الصلب.

فريق لمتابعة تطورات مشروع الهيدروجين الأخضر في أستراليا
فريق لمتابعة تطورات مشروع الهيدروجين الأخضر في أستراليا – الصورة من Smart Energy Council

ودعا “مايكل برنارد” الهيئات المعنية في أستراليا إلى اقتناص فرصة معالجة الموارد المحلية للتحكم في سلسلة توريد الصلب الأخضر.

وكان مسؤول إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية، آلان فينكل، قد نصح بزيادة مبيعات الحديد والصلب المنتجَين بالوسائل الخضراء بدلًا من التركيز على بيع الهيدروجين مباشرة، قائلًا، إن التفكير بهذه الطريقة أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.

ويمكن لأستراليا أيضًا التركيز على الاستثمار في الأمونيا (الصورة المثلى لنقل وتخزين الهيدروجين، والرئيسة لصناعة الأسمدة)، والتي يمكن إنتاجها بصور خضراء مخفضة للانبعاثات.

ويوفر هذا التنوع تكلفة شحن الهيدروجين عالميًا التي تضيف لسعر كل كيلوغرام ما يصل إلى دولارين.

دعم الهيدروجين وتكلفة الإنتاج

من ضمن مظاهر ابتعاد إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية عن الواقع تجاهُل أنه -حتى الآن- ما يزال يحتاج إلى الدعم الحكومي.

واستشهد كاتب المقال ببرنامج “هيدروجين هيدستارت” المعني بتعويض فجوة تكلفة الإنتاج، الذي خصصت له أستراليا ملياري دولار.

ويؤكد ذلك أن مشروعات الهيدروجين لن تصبح ذات جدوى تجارية دون دعم وحوافز حكومية.

وقدّر المقال تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في أستراليا بما يتراوح بين 5 و6 دولارات لكل كيلوغرام، ويحتاج الوقود إلى خفض سعره إلى دولارين حتى يتمكن من المنافسة عالميًا.

ودفعت “فجوة تقدير التكلفة” باتجاه انسحاب شركات من بعض المشروعات، مثلما فعلت شركة أوريغين إنرجي في مشروع “هانتر فالي”.

وربما تدفع إعادة النظر في أهداف إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية باتجاه توظيفه بما يدرّ عائدًا اقتصاديًا قويًا، وتقليص فعلي لمعدل الانبعاثات في الوقت ذاته، إذ قد يُقبل المستهلكون على شراء الأمونيا والصلب الأخضر مقابل العزوف عن شراء كهرباء وشاحنات وسيارات الهيدروجين.

ووصف كاتب المقال إستراتيجية الهيدروجين في أستراليا بأنها “منقوصة ومعيبة”، داعيًا إلى إعداد صيغة ذات أهداف أكثر وضوحًا واتساقًا.

وأوصى بضرورة إعادة توضيح مفاهيم استعمال الهيدروجين، بوصفه أحد الأدوات الصناعية، وليس وقودًا للاستعمالات الأخرى.

ودعا الحكومة إلى مواصلة خطواتها الصحيحة باتجاه تعزيز استعمال الهيدروجين في التطبيقات الصناعية، وإعادة النظر في مشروعات التدفئة والسيارات الهيدروجينية “غير المجدية”.

ورجّح الكاتب فرصًا أقوى للهيدروجين في أستراليا من خلال تصدير الصلب والأمونيا، والتحكم في مبالغات المستهدفات والمشروعات.

موضوعات متعلقة..

  • إستراتيجية طموحة لإزالة الكربون وإنتاج الهيدروجين في أستراليا (تقرير)
  • استثمارات الهيدروجين الأخضر في أستراليا تترقّب 443 مليون دولار بشراكة ألمانية
  • قطاع الهيدروجين الأخضر في أستراليا يسجل تراجعًا جديدًا

اقرأ أيضًا..

  • تفاصيل أول شحنة نفط ضخمة تصل إلى سوريا.. ومليون برميل في الطريق
  • أمين عام أوبك: مصطلح الطاقة الخضراء يخفي الحقائق.. ولسنا بحاجة إلى شعارات
  • معدن الثوريوم ثروة نووية خفية.. ودولة عربية تسيطر على احتياطي كبير

المصادر:

  • إعادة النظر في إستراتيجية الهيدروجين الأسترالية بما يضمن تطبيقات أكثر واقعية، من مقال منشور في رينيو إيكونومي
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى