عالم الطاقة

احتياطيات الغاز الصخري في باكستان.. ثروة هائلة قد تحل أزمة الطاقة (تقرير)

اقرأ في هذا المقال

  • باكستان تحتلّ المرتبة الـ19 عالميًا في احتياطيات الغاز الصخري
  • إنتاج الغاز في باكستان ما زال يعتمد على احتياطيات الغاز التقليدية
  • فاتورة استيراد الطاقة في باكستان تجاوزت 17 مليار دولار عام 2023
  • شركات التنقيب العالمية تخشى دخول باكستان بسبب التحديات الأمنية والسياسية
  • شركات صينية تتجاهل المخاطر الأمنية وتوقّع مذكرات تفاهم للتنقيب الصخري

تَجدَّد الجدل حول احتياطيات الغاز الصخري في باكستان ومدى إمكان استخراجها على نطاق تجاري، مع دخول الشركات الصينية إلى القطاع -مؤخرًا- عبر اتفاقيات استكشاف مبكرة قد يكون لها تأثير ملحوظ في غضون السنوات المقبلة.

وتعوّل باكستان -التي تعاني من انخفاض حادّ في إنتاج حقول الغاز التقليدية- على استكشاف الموارد الصخرية الواعدة في أقرب وقت ممكن لإنقاذها من فاتورة استيراد الوقود الباهظة التي تُثقل كاهل الاقتصاد المتعثر.

ورغم أن المعلومات المتداولة حول احتياطيات الغاز الصخري في باكستان ما زالت نادرة، فإن البلاد تمتلك موارد هائلة تحت تضاريس جغرافيتها الصعبة، التي تقع في موقع إستراتيجي متميز بالجزء الغربي لشبه القارة الهندية.

وترصد وحدة أبحاث الطاقة -مقرّها واشنطن- إمكانات الغاز الصخري في باكستان، وأبرز تطورات استكشافها وتحليل آثارها الاقتصادية المستقبلية.

تقديرات احتياطيات الغاز الصخري في باكستان

تبلغ احتياطيات الغاز الصخري في باكستان 105 تريليونات قدم مكعبة (3 تريليونات متر مكعب) قابلة للاستخراج، وفق تقديرات دراسة صادرة عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تتماشى مع تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وتقع هذه الاحتياطيات في 4 تكوينات صخرية كبرى في حوضي السند الأوسط والأدنى، بحسب الدراسة التي تناولت تقييم الموارد والجدوى الاقتصادية المحتملة لاستخراجها.

وتشير البيانات العالمية إلى أن احتياطيات الغاز الصخري والنفط متوافرة بكميات ضخمة في عشرات الدول حول العالم، بما في ذلك باكستان، لكنها ما زالت غير مستغَلة حتى الآن إلّا في حدود ضيقة.

وتُقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية احتياطيات الغاز الصخري القابلة للاستخراج في العالم بنحو 7229 تريليون قدم مكعبة، في حين قدّرت احتياطيات النفط الصخري القابلة للاستخراج بنحو 345 مليار برميل.

وتحتلّ الصين المركز الأول عالميًا من حيث احتياطيات للغاز الصخري القابلة للاستخراج بنحو 1115 تريليون قدم مكعبة قابلة للاستخراج، تليها الأرجنتين بنحو 802 تريليون قدم مكعبة.

وصُنِّفت احتياطيات الغاز الصخري في باكستان بالمرتبة الـ19 من بين 41 دولة لديها احتياطيات من الموارد الهيدروكربونية الصخرية، مع تقدير ما تمتلكه بنحو 105 تريليونات قدم مكعبة.

وصُنِّفت باكستان في المركز التاسع بقائمة أكبر الدول من حيث احتياطيات النفط الصخري القابل للاستخراج بنحو 9 مليارات برميل، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

احتياطيات الغاز التقليدي في باكستان

بلغت احتياطيات الغاز التقليدي المؤكدة في باكستان قرابة 430 مليار متر مكعب بنهاية عام 2023، بينما بلغ إنتاجه 36 مليار متر مكعب خلال العام نفسه.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطوُّر احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في باكستان منذ عام 1970 إلى عام 2023:

احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في باكستان

واستوردت البلاد 8.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي خلال العام الماضي، لسدّ فجوة الإنتاج لمواكبة الطلب المُقدَّر بنحو 45 مليار متر مكعب، بحسب بيانات منظمة أوبك.

ويعتمد مزيج توليد الكهرباء في باكستان على الوقود الأحفوري بنسبة 59%، بقيادة الغاز الذي يستحوذ على الحصة الكبرى (26%)، يليه الفحم (18%)، ثم النفط 15%، بحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة النظيفة إمبر.

وبلغت فاتورة استيراد الطاقة في باكستان 17 مليار دولار خلال العام المالي 2023، موزعة بين المنتجات النفطية بقيمة 7.6 مليار دولار، والنفط الخام بقيمة 4.9 مليار دولار.

في حين بلغت قيمة واردات الغاز الطبيعي والغاز المسال قرابة 3.7 مليار دولار خلال العام نفسه، بانخفاض 24% على أساس سنوي، بحسب بيانات مكتب الإحصاءات الباكستاني.

التحديات الأمنية لاستكشاف الغاز الصخري في باكستان

تبدو احتياطيات الغاز الصخري في باكستان ضخمة للغاية، كما تبدو موارد الغاز التقليدي كبيرة، ويمكنها أن تغيّر مسار الاقتصاد المُثقَل بالديون، لكن لا أحد يسارع إلى الحفر.

وترجع أسباب إحجام شركات النفط العالمية عن دخول باكستان إلى تحديات الظروف الأمنية المضطربة وعدم الاستقرار السياسي في البلاد، وهو ما لا يخفيه مسؤولو الطاقة في تصريحاتهم المتكررة.

فعلى سبيل المثال، أبلغ وزير النفط الباكستاني مصدق مالك لجنة برلمانية في يوليو/تموز الماضي بأن شركات التنقيب الدولية غير مهتمة بدخول باكستان، كما أن الشركات الموجودة تسعى للخروج من البلاد.

وعزا الوزير السبب الرئيس وراء هذه الظاهرة إلى ارتفاع تكلفة الأمن التي تتطلب من الشركات إنفاق مبالغ كبيرة للحفاظ على أمن موظفيها وأصولها من أيّ تهديدات محتملة، على غرار ما حصل مع بعض المشروعات الصينية.

ففي مارس/آذار 2024، قُتِل 5 مهندسين صينيين في هجوم انتحاري شمال باكستان، عندما اصطدمت سيارة محمّلة بالمتفجرات بحافلة تنقل موظفين من إسلام آباد إلى مشروع سد داسو الكبير في إقليم خيبر بختونخوا.

وفي الشهر نفسه، هاجم متمردون يطالبون باستقلال إقليم بلوشستان مشروعات صينية في جنوب غرب باكستان، فاقتحموا مجمع هيئة ميناء جوادر، الذي تديره الصين.

وأثارت هذه الحوادث مخاوف واسعة بين الشركات الأجنبية العاملة في البلاد، ما أدى إلى سلسلة من عمليات الإغلاق المؤقتة لعدد كبير من المشروعات الأجنبية.

وطرحت وزارة الطاقة في باكستان خلال العام الماضي 18 مربعًا بحريًا للنفط والغاز في مزايدة أمام الشركات الأجنبية، لكنها لم تشهد أيّ استجابة.

كما أعلنت شركة شل دخولها في مفاوضات لبيع أصولها في باكستان إلى شركة أرامكو السعودية، لكن الصفقة تمّت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 مع شركة وافي للطاقة التابعة لمجموعة أسياد القابضة.

ورغم مخاوف خروج الشركات الأجنبية من البلاد، فمن المرجّح أن تظل شركات التنقيب الصينية المملوكة للدولة أو الخاضعة لسيطرتها حاضرة في قطاع المنبع الباكستاني، لأنها تتميز بدرجة استجابة مختلفة تمامًا للمخاطر عن نظيرتها الغربية.

وثمة تحديات مالية أخرى تواجه عمليات تطوير الاحتياطيات التي تحتاج بطبيعتها إلى استثمارات أولية كبيرة موجهة لعمليات الاستكشاف والإنتاج على مدار سنوات.

وتُقدِّر وزارة الطاقة الباكستانية حاجتها إلى استثمارات تتراوح من 25 إلى 30 مليار دولار لاستخراج 10% احتياطيات الغاز الصخري خلال العقد المقبل.

التحديات البيئية لاستخراج الغاز الصخري في باكستان

على الرغم من ضخامة احتياطيات الغاز الصخري في باكستان، فإن عمليات استخراجها عبر طريقة التكسير المائي تواجه سلسلة من التحديات البيئية، بما في ذلك الاستهلاك المكثَّف للمياه، والتلوث المحتمل للمياه الجوفية، إضافة إلى مخاطر تعرُّض المناطق المحيطة للزلازل.

وتحتاج كل بئر تُحفَر بطريقة التكسير المائي إلى ما يتراوح من 3 إلى 8 ملايين غالون من المياه، ما يتطلب إجراء تقييم منفصل لموارد المياه على مستوى باكستان، بحسب توصيات دراسة صادرة عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وقد تواجه مشروعات استغلال احتياطيات الغاز الصخري في باكستان، خاصة المناطق النائية، مقاومة من المجتمعات المحلية التي ستنظر بقلق إلى مخاوف استنفاد المياه الجوفية النادرة أو تلويثها، ما يستلزم إشراك الناس وتعزيز الشفافية حول المشروعات وخططها.

وتقترح الوكالة بعض البدائل التي يمكن أن تساعد في تطوير الاحتياطيات الصخرية، أبرزها استعمال المياه التحلية عبر تركيب محطة للتحلية في كراتشي، ونقل المياه إلى حوضي السند الأوسط والأدنى.

كما تقترح تطوير تقنيات جديدة مثل استعمال ثاني أكسيد الكربون ليحلّ محلّ المياه المستعملة في التكسير، وهو ما يتلاءم مع خواصّ حوضي السند الأوسط والأدنى لاحتوائهما على موارد كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، ما قد يصلح لاستعمالها في التكسير بعد المعالجة.

على الجانب الآخر، يتطلب تطوير صناعة الغاز الصخري في باكستان بنية تحتية واسعة النطاق، بما في ذلك خطوط الأنابيب ومرافق المعالجة والتخزين، ما يحتاج إلى استثمارات كبيرة لترقية البنية التحتية المتواضعة حاليًا في البلاد.

ولا توجد لدى باكستان في الوقت الحالي سياسة رسمية للغاز الصخري، لكن الحكومة تعمل على تطوير نموذج أولى لهذه السياسة، ومن المتوقع أن تركّز على تسهيل الاستكشاف وضمان توافر التقنية والبنية التحتية اللازمة لتعزيز إنتاج الغاز من هذه الموارد.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج الغاز الطبيعي في باكستان منذ عام 1970 إلى 2023:

إنتاج الغاز الطبيعي في باكستان

جهود الاستكشاف الحالية للغاز الصخري

تتركّز موارد الغاز الصخري في باكستان في أجزاء من إقليم السند وجنوب إقليم البنجاب وشرق إقليم بلوشستان، وبدأت شركة النفط والغاز الحكومية (OGDCL) استكشاف موارد الغاز الصخري في بئر تجريبية تقع بمنطقة حيدر آباد في إقليم السند منذ عام 2020.

ونجحت الشركة -مؤخرًا- في الحفر العمودي للبئر إلى أن وصلت إلى طبقتين من الغاز، لتكتشف علامات واعدة على وجود مخزونات كبيرة من الغاز الصخري.

ومن المتوقع أن تبدأ شركة تنمية النفط والغاز عمليات الحفر العمودي لطبقة ثالثة قريبًا، لكن بيانات التكسير المائي للطبقتين السابقتين تشير إلى وجود كميات وفيرة من الغاز الصخري.

ومن المقرر أن تكون الخطوة التالية هي الحفر الأفقي على أعماق تتراوح من 3 آلاف إلى 6 آلاف متر؛ ما دفع الشركة للدخول في شراكة مع شركة خدمات الحقول البريطانية شلمبرجيه، لتنفيذ عمليات الحفر عبر تقنيات التكسير المائي، التي ما زالت حديثة على قطاع الاستخراج الباكستاني.

وبدأ الجدول الزمني للحفر في أغسطس/آب 2024، بعد تأخُّره 3 أشهر بسبب الفيضانات، وتتراوح تكلفة هذا المشروع التجريبي من 25 إلى 30 مليون دولار، ومن المتوقع بدء إنتاج البئر في عام 2026، بعد تقييم الخزان.

وتخطط الشركة الحكومية لدعوة المستثمرين الأجانب إلى باكستان للإسهام في استخراج الموارد الصخرية، على الرغم من أن تكاليف التجارية لاستخراج الغاز الصخري تتراوح من 10 إلى 15 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

توقيع مذكرة تفاهم بين باكستان والصين للتنقيب عن الغاز الصخري في سبتمبر/أيلول 2024
توقيع مذكرة تفاهم بين باكستان والصين للتنقيب عن الغاز الصخري في سبتمبر/أيلول 2024 – الصورة من RADIO PAKISTAN

ووقّعت الشركة في سبتمبر/أيلول 2024 مذكرة تفاهم مع شركة تشاينا سنترال ديبوزتوري آند كليرنغ (China Central Depository & Clearing)، لاستكشاف النفط والغاز الصخري في باكستان، بحسب ما أورده موقع راديو باكستان (RADIO PAKISTAN).

موضوعات متعلقة..

  • ارتفاع احتياطيات النفط والغاز في باكستان يغري بمزيد من الاستثمارات
  • احتياطيات الغاز الصخري في الجزائر تجعلها ضمن الكبار.. وهذه خريطتها (تقرير)
  • احتياطيات النفط والغاز الصخري في ليبيا.. ما حجمها وأين توجد؟ (خريطة)

اقرأ أيضًا..

  • أمين عام أوبك: مصطلح الطاقة الخضراء يخفي الحقائق.. ولسنا بحاجة إلى شعارات
  • تفاصيل أول شحنة نفط ضخمة تصل إلى سوريا.. ومليون برميل في الطريق
  • معدن الثوريوم ثروة نووية خفية.. ودولة عربية تسيطر على احتياطي كبير
  • أكبر الدول المستوردة للبنزين في العالم

المصادر:

  1. بيانات احتياطيات الغاز الصخري في باكستان من إدارة معلومات الطاقة الأميركية
  2. بيانات أكبر 10 دول في احتياطيات الغاز الصخري من إدارة معلومات الطاقة الأميركية
  3. التحديات البيئية لاستخراج الغاز الصخري من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية
  4. فاتورة استيراد الغاز في باكستان خلال عام 2023 من مكتب الإحصاء الباكستاني
  5. توقيع مذكرة تفاهم مع شركة صينية لاستكشاف الغاز الصخري من راديو باكستان
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى