خفض انبعاثات قطاع الزراعة ضرورة ملحة للعمل المناخي.. وهذه أبرز الحلول

اقرأ في هذا المقال
- الزراعة تسهم بنحو 25-33% من انبعاثات غازات الدفيئة عالميًا
- تحلل الأشجار الميتة في الغابات يطلق 10.9 مليار طن من الكربون سنويًا
- تعزيز الممارسات المستدامة يقلل من الأثر البيئي ويضمن مستقبلًا غذائيًا مستدامًا
- انبعاثات قطاع الزراعة تبلغ نحو 6 مليارات طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون
أصبح خفض انبعاثات قطاع الزراعة قضية مُلحّة على نحو متزايد في المعركة العالمية ضد تغير المناخ، ولتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050.
ويؤدي القطاع الزراعي دورًا في تفاقم أزمة المناخ، إذ يسهم بنحو 25% من إجمالي غازات الاحتباس الحراري المباشرة وغير المباشرة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ونظرا لأهمية القطاع الزراعي في إنتاج الغذاء العالمي، فيتعيّن العمل على الحدّ من تأثير الانبعاثات الناجمة، ومن ثم ضرورة اعتماد ممارسات مستدامة تقلل من البصمة الكربونية وتعظّم كفاءة الموارد.
وفي هذا السياق، يعدّ استكشاف إستراتيجيات لخفض انبعاثات قطاع الزراعة أمرًا بالغ الأهمية لضمان مستقبل أكثر استدامة لإنتاج الغذاء ولكوكب الأرض.
انبعاثات قطاع الزراعة من الإجمالي العالمي
كشفت البيانات لعام 2023 حجم انبعاثات قطاع الزراعة، إذ أسهم وحده -دون قطاع الإنتاج الحيواني- بنسبة 11% من إجمالي الانبعاثات العالمية، أي ما يعادل 6 مليارات طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
ونقلت منصة الطاقة المتخصصة عن المدير العام المساعد، الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، عبدالحكيم الواعر، قوله، إن انبعاثات القطاع الزراعي، الذي يشمل كلًا من الإنتاج الحيواني وانبعاثات الكربون من التربة، يسهم بدرجة كبيرة في البصمة الكربونية العالمية.
وأضاف: “انبعاثات الكربون الناتجة عن قطاع الزراعة تتجاوز بكثير تلك الموجودة في المسطحات المائية، بما في ذلك المحيطات وغيرها من المصادر، مشيرًا إلى أن مساهمته الإجمالية تمثّل أقل من 30% من الانبعاثات العالمية”.
وأكد “الواعر” أن الممارسات الزراعية التقليدية، التي تعتمد في كثير من الأحيان على استعمال الأسمدة وأساليب الحرث التي عفا عليها الزمن، يمكن أن تؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من انبعاثات من الكربون في الغلاف الجوي.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أبرز القطاعات المسبّبة للانبعاثات ومن بينها قطاع الزراعة الذي احتلّ المرتبة الثالثة، بالتوازي مع قطاع الصناعة:
الانبعاثات الناجمة عن قطاع الزراعة
ينتج عن انبعاثات قطاع الزراعة مجموعة من غازات الاحتباس الحراري، أبرزها:
- غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو أكثر غازات الاحتباس الحراري المنبعثة من الزراعة، وينتج عادةً من حرق الوقود الأحفوري للآلات والنقل وتدفئة الصوبات الزراعية.
- غاز الميثان، هو واحد من الانبعاثات الزراعية، وتسهم انبعاثات غاز الميثان في الاحتباس الحراري بنحو 28 مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون، ويصل ذلك إلى 84 مرة على مدار 20 عامًا.
- إطلاق أكسيد النيتروز، وهو أحد الغازات الدفيئة، من خلال استعمال الأسمدة الاصطناعية والسماد الطبيعي وتآكل التربة.
وبصفة عامة، يشمل قطاع الزراعة مجموعة من الأنشطة، بما في ذلك الإنتاج الحيواني وزراعة المحاصيل وإزالة الغابات، ولكل منها درجات متفاوتة من التأثير في البيئة.
انبعاثات الإنتاج الحيواني
يُعدّ الإنتاج الحيواني، ولا سيما تربية الماشية والأبقار والأغنام والماعز، مسهِمًا كبيرًا في انبعاثات غازات الدفيئة بالقطاع الزراعي.

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، ارتفعت انبعاثات قطاع الزراعة بنسبة 14% من عام 2000 إلى عام 2021، وشكّلت الثروة الحيوانية أكثر من نصف هذه الزيادة.
وتُعدّ تربية الماشية مصدرًا رئيسًا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إذ تبلغ البصمة الكربونية للماشية والأغنام أضعاف انبعاثات الخنازير والدجاج ومنتجات الألبان.
وفي الواقع، شكّلت الأنشطة المتعلقة بالثروة الحيوانية 53% من إجمالي الانبعاثات الزراعية في عام 2021، أي ما يعادل 2.9 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فالثروة الحيوانية وحدها مسؤولة عن 11.1% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، بينما أشارت بعض الدراسات إلى تقديرات أعلى تصل إلى 19.6%.
ومن المتوقع أن يؤدي الطلب المتزايد إلى رفع انبعاثات الثروة الحيوانية العالمية لقرابة 9.1 غيغاطن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050، بحسب التقرير.
ويرى اتجاه آخر أن الماشية تسهم في الحدّ من تداعيات تغير المناخ، إذ تحتجز كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون في التربة خلال رعيها، مقارنة بما تطلقه من انبعاثات عندما تتجشّأ.
كما تتغذى الأحياء الميكروبية على غاز الميثان نتيجة لما تقوم به الماشية بإعادة بناء التربة الي تتعرض للتدمير من المواد الكيميائية والأسمدة الزراعية.
الأسمدة وإزالة الغابات
يُطلق استعمال الأسمدة الاصطناعية لزراعة المحاصيل أكسيد النيتروز، وهو غاز دفيئة أقوى بنحو 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون من حيث حبس الحرارة في الغلاف الجوي.
وتؤدي إزالة الغابات، التي غالبًا ما تكون مدفوعة بالتوسع الزراعي، إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون وتعطيل دورة الكربون الطبيعية.
ويشكّل سوء استعمال الأراضي، نتيجة لإزالة الغابات، نحو 16% من إجمالي الانبعاثات الناجمة عن الأنشطة البشرية، أي ما مجموعه 42 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي تحلُّل الأشجار الميتة أو الأخشاب في الغابات إلى إطلاق نحو 10.9 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، ما يزيد من تفاقم المشكلة، بحسب دراسة لمجلة نيتشر البريطانية.
والغابات هي أكثر من مجرد مُخزّن للكربون، فهي مستهلك كبير للكربون، وتزيل 20% من الانبعاثات البشرية المنشأ كل عام.
حلول لخفض الانبعاثات الزراعية
إن الالتزام العالمي بالحياد الكربوني في منتصف القرن الحالي يجعل معالجة انبعاثات قطاع الزراعة حاجة ملحّة.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق العديد من ممارسات الزراعة المستدامة، التي تسهم في تقليل انبعاثات القطاع الزراعي، ومن بينها:
- دوران المحاصيل وتنويعها.
- الزراعة العضوية.
- الحراثة التي تضمن الحفاظ على التربة.
- الحراجة الزراعية التي تجمع بين الزراعة والإنتاج الحيواني والغابات.
- محاصيل تغطية التربة، وهي نباتات تُزرع لحماية التربة، وليس لغرض الحصاد.
- التربية المستدامة للماشية.
- المكافحة البيولوجية للآفات.
- الزراعة دون حراثة.
- إدارة مياه الري.
- تعزيز الإدارة المستدامة للأراضي الزراعية.
- إعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى سماد.
- استعمال الطاقة المتجددة قد يسهم في خفض انبعاثات قطاع الزراعة، بدءًا من الري، وصولًا إلى احتياجات التسخين والتبريد.
الخلاصة:
خفض انبعاثات قطاع الزراعة ضروري لتحقيق الحياد الكربوني ومكافحة تغير المناخ، إذ يسهم بنحو 25-33% من انبعاثات غازات الدفيئة، ويمكن تحقيق ذلك عبر تبنّي ممارسات مستدامة، مثل الزراعة العضوية وإدارة المياه واعتماد الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- خفض البصمة الكربونية في الزراعة.. تقنية ليبية جديدة
- تغير المناخ.. خطوات للمقاومة بالزراعة والنظم الغذائية المرنة (مقال)
- تغير المناخ يلقي بظلاله على قطاع الزراعة.. وحل فريد يحتاج إلى دعم حكومي
اقرأ أيضًا..
- أكبر الدول المصدرة للبنزين في العالم.. بلدان عربيان بقائمة الـ10
- خط أنابيب الغاز العربي.. هل تتغير معادلاته باكتشاف حقل الريشة الضخم؟ (القصة كاملة)
- معدن الثوريوم ثروة نووية خفية.. ودولة عربية تسيطر على احتياطي كبير
المصادر:
- انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الزراعي من الزراعة من ساكسيسفول فارمينغ
- مسارات نحو خفض انبعاثات الثروة الحيوانية من الفاو
- انبعاثات الثروة الحيوانية من ذا بريك ثرو
- الأبقار تحدّ من تداعيات تغير المناخ من منصة الطاقة المتخصصة
- انبعاثات أكسيد النيتروز من ذا كونفرسيشن
- حلول لخفض انبعاثات قطاع الزراعة من ريغينكس