عاجل

أنس الحجي: هتلر غيّر مسار صناعة النفط العالمية.. وهذا سر “باكو”

في يوم 20 أبريل/نيسان من عام 1889 وُلد أدولف هتلر، الرئيس الألماني الذي كان ما فعله من أكبر المؤثرات بتاريخ صناعة النفط في العالم، والذي أحدث تغييرات تاريخية غيّرت مسار الصناعة إلى الأبد.

ويكشف مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عن الآثار الكبيرة والتغيرات التي شهدها مسار صناعة النفط العالمية بسبب ما فعله الرجل، الذي حلّت ذكرى ميلاده مؤخرًا.

وأضاف: “هتلر كانت لديه قناعات اقتصادية معينة، وهي أنه بما أن بلاده لا يوجد لديها نفط، وكانت تنمو بشكل كبير بصفتها دولة صناعية قوية؛ فهو لا يريد أن يعتمد على الواردات من الدول الأخرى؛ لأن اعتماد ألمانيا بالفعل على الواردات كان كبيرًا”.

ومن ثم، وفق الحجي، كان أدولف هتلر يعرف جيدًا أنه سيشن حروبًا على الدول الأخرى، وستكون هناك حروب ضده، ومقاطعة وحظر وإجراءات أخرى؛ لذلك فقد بدأ يجهّز نفسه لكل ذلك.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج “أنسيات الطاقة”، قدمها خبير اقتصادات الطاقة على مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بعنوان: “اليوم التاريخي في صناعة النفط العالمية.. 20 أبريل”.

حلول مهمّة للبشرية

قال أنس الحجي إن هتلر طلب من العلماء الألمان أن يجدوا حلولًا لاعتماد بلادهم على استيراد الطاقة؛ فوجدوا حلولًا مهمة للبشرية ككل، وهي الحلول التي غيّرت مجرى التاريخ، والحديث عنها سيكون بالتفاصيل.

وأضاف: “ألمانيا غنية جدًا بالفحم، وأوروبا بشكل عام غنية بالفحم، أما النفط فيتركز في روسيا ومنطقة القوقاز ومناطق معينة من آسيا، وأيضًا في الشرق الأوسط، لكن أوروبا الغربية اكتشفت لاحقًا بحر الشمال”.

الرئيس الألماني الأسبق أدولف هتلر
الرئيس الألماني الأسبق أدولف هتلر – الصورة من “دير شبيغل”

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة أن أوروبا في تلك المدة لم تكن تعلم شيئًا عن النفط ببحر الشمال، في حين كانت تعرف عن النفط في رومانيا وروسيا منطقة بحر قزوين؛ فاكتشف العلماء الألمان أنه يمكن استخراج مواد نفطية عالية الجودة من الفحم من خلال تقطيره، وقد فعلوا ذلك.

ولفت الحجي إلى أن تكلفة تقطير الفحم لاستخراج النفط منه كانت كبيرة، ولكن إنتاج ألمانيا من الفحم كان كبيرًا، ومن ثم تمكّنت الدولة من إنتاج الوقود من الفحم بشكل كافٍ، ولكن مع التوسع الكبير كانت ألمانيا لا تزال في حاجة إلى مزيد من النفط.

هنا، بدأ هتلر يفكر في كيفية الحصول على منابع النفط؛ فبدأ بغزو رومانيا، وسيطر على حقولها النفطية، وأتبع ذلك بغزو الاتحاد السوفيتي للسيطرة على نفط أذربيجان، التي تعد عاصمتها “باكو” عاصمة النفط العالمية، وظلّت كذلك لسنوات طويلة.

وتابع: “أول أنبوب نفطي في العالم كان في باكو، وأول سفينة نفطية كانت في باكو، وأغلب الاختراعات الموجودة حاليًا للصناعة حدثت في باكو، وأول ناقلة نفط عبرت قناة السويس جاءت من باكو؛ لذلك ما حدث أن عيون هتلر كانت عليها”.

النفط الأذربيجاني

ولكن، قبل هتلر، كانت عينا ستالين -الرئيس الروسي الأسبق- على باكو، وفي حقيقة الأمر لم تكن الدولة الشيوعية لتوجد على الإطلاق لولا صناعة النفط في باكو؛ لأن ما حدث أن ستالين جاء إليها ووجد ما يريده؛ وهو المعسكرات للشباب.

لذلك، مع اتجاه هتلر إلى باكو، حدث الصراع الألماني السوفيتي المعروف بالنسبة لرومانيا تحديدًا؛ حتى يمنع الحلفاء حصول الرئيس الألماني على النفط الروماني؛ فدمروا الحقول، حتى وصلت الأمور إلى أنهم وضعوا كل شيء يمكن وضعه في الآبار؛ ومن ثم قضوا على احتياطيات رومانيا إلى الأبد.

وعلى ذلك، لم يعد أحد في العالم يسمع عن رومانيا بصفتها دولة نفطية، في حين أن الحلفاء أنفسهم، متمثلين في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، هم من دمّروا حقول النفط في رومانيا؛ لمنع هتلر من الوصول إليها والاستحواذ عليها.

نفط الشرق الأوسط

قال أنس الحجي إن عيني هتلر كانتا على باكو والنفط الروسي؛ فلم يحقق أهدافه، فاتجه إلى نفط الشرق الأوسط؛ فأرسل جيشه إلى أفريقيا، ودارت معركة العلمين في مصر، ولكن كان هدفه هو السيطرة على منابع النفط هناك.

وأضاف: “من الأحداث التاريخية الغربية، أنه في عام 1941، وفي أوج الحرب، صار الهدف هو تدمير كل شيء نفطي لدى الجميع، إذ كان هتلر يريد تدمير الإمدادات النفطية للحلفاء، في حين أن الحلفاء يريدون تدمير الإمدادات النفطية له”.

صناعة النفط

وكشف أنس الحجي عن أن عدد ناقلات النفط التي دُمّرت في البحر المتوسط كان ضخمًا، ويرقد حاليًا عدد كبير من هذه الناقلات في قاع البحر؛ إذ كان التدمير متواصلًا، ولما امتدت الحرب إلى اليابان ودول آسيا، كان الهدف دائمًا هو ناقلات النفط”.

وتابع: “حتى هجوم الكاميكازي الياباني استهدف ناقلات النفط؛ فكانت الطائرة تنزل على ناقلة النفط وتفجرها، وبالمناسبة هذه الهجمات كانت بسبب ندرة النفط؛ لأن الطيار الياباني كان يحصل على وقود يكفيه فقط للوصول إلى هدفه، ولكن ليس لديه وقود للعودة؛ فكان واضحًا أن عليه الانتحار بطائرته”.

ونتيجة التدمير المستمر لمعامل الفحم التي تنتج الوقود في ألمانيا، وتدمير كل وقود يمكن أن يصل إليها، سواء من آبار النفط الرومانية أو ناقلات النفط في البحر المتوسط، ضاقت الدنيا على هتلر، ولم يعد هناك وقود، لدرجة أن ألمانيا صنعت طائرة ليس لها مثيل في التاريخ -حينها- ولم تستطِع تشغيلها.

وأوضح أن الخبراء يُجمِعون على أن هذه الطائرة لو كانت استطاعت التحليق وسط الطائرات، لكان الأميركيون والكنديون يتحدثون اللغة الألمانية اليوم، ولم تستطع هذه الطائرة الطيران بسبب عدم وجود الوقود، وهناك صور توضح كيف جاءوا بها إلى مدرج المطار، تجرها الخيول، وفجّروها ليوفروا الوقود.

لذلك، وفق الحجي، يُقال إن الحلفاء -أميركا وفرنسا وبريطانيا- ربحوا الحرب؛ لأنهم طفوا فوق بحر من النفط، في حين لم يكن هناك نفط كافٍ لهتلر؛ لذلك فإن الهدف كان النفط الخام، وكذلك كانت نهاية ألمانيا بسبب النفط.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى