المعادن الأرضية النادرة.. كيف تستغلها الصين لإضعاف قدرات أميركا العسكرية؟

اقرأ في هذا المقال
- الصين تناور بورقة المعادن الأرضية النادرة للتأثير عسكريًا في أميركا.
- تدخل المعادن النادرة في تصنيع مجموعة واسعة من المعدات الحساسة.
- أصبحت المعادن الأرضية النادرة سلاحًا في أيدي بكين.
- الصين مسؤولة عن تعدين قرابة 61% من المعادن النادرة عالميًا.
- الصين تفرض قيودًا على صادرات المعادن النادرة.
تحوّلت المعادن الأرضية النادرة إلى ورقة مناورة تستغلها الصين لتقويض القدرات العسكرية الضخمة للجيش الأميركي، وفق تقرير حديث طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتدخل المعادن المذكورة في تصنيع مجموعة واسعة من المعدات والآلات العسكرية بدءًا من الطائرات المقاتلة وقضبان المفاعلات النووية، إلى جانب صناعات أخرى حيوية مثل الهواتف الذكية.
ومع تنامي حدة التوترات الجيوسياسية العالمية، لم يقتصر الأمر على استعمال الصين المعادن الأرضية النادرة سلاحًا في حربها التجارية ضد أميركا؛ بل تجاوز الأمر ليشمل التأثير في قدرات واشنطن العسكرية، ولا سيما أن أكثر من 78% من أسلحة الجيش الأميركي تعتمد في تصنيعها على معادن صينية.
ولا تُعد الصين مسؤولة عن تعدين قرابة 61% من المعادن الأرضية النادرة عالميًا فحسب، بل إنها تحتكر 92% من سعة التكرير العالمية لتلك المعادن، وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة.
وبحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تضم العناصر الـ17 التي تشكّل المعادن الأرضية النادرة: اللانثانوم، السيريوم، البراسيوديميوم، النيوديميوم، البروميثيوم، السماريوم، اليوروبيوم، الغادولينيوم، التيربيوم، الديسبروسيوم، الهولميوم، الإربيوم، الثوليوم، الإتيربيوم، اللوتيتيوم، السكانديوم، الإيتريوم.
قيود صينية
تشرع الصين في فرض قيود على صادرات المعادن الأرضية النادرة التي تؤدي دورًا حاسمًا في تعزيز القوة العسكرية للجيش الأميركي، وهي نقطة الضعف التي كثيرًا ما عانتها واشنطن لمدة طويلة، وأصبحت حقيقةً ملحّةً حاليًا.
فبدءًا من التنغستين المُستعمَل في تصنيع القذائف المخترقة للدروع إلى الغاليوم المستعمَل على نطاق واسع في الرادارات، بنَت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” مشروعًا عسكريًا بسلسلة إمدادات تمر مباشرةً عبر الصين، غير أن التطورات الأخيرة تهدد قدرة البنتاغون على المحافظة على ذلك المشروع، وفق تحليلات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي أوائل شهر أبريل/نيسان الجاري، فرضت بكين ضوابط صارمة على تصدير 7 من المعادن الأرضية النادرة المستعمَلة في كل شيء بدءًا من الأسلحة الموجّهة بالليزر إلى أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي.
وتتطلب المعادن الأرضية النادرة الـ7 المذكورة المقيدة صادراتها مؤخرًا -الساماريوم، الغادولينيوم، التيربيوم، الديسبروسيوم، اللوتيتيوم، السكانديوم، الإيتريوم- ترخيصًا حكوميًا لتصديرها، وهو ما يبرره مسؤولون صينيون بدواعي الأمن القومي.
وفي وقت سابق من شهر أبريل/نيسان (2025)، قال المسؤول في شركة فوركاست إنترناشونال (Forecast International) دان دارلينغ، إن “الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الصين ليست حظرًا صريحًا، غير أن شرط الترخيص هذا ستَنتُج عنه دون شك حالة عدم يقين ويَحِد من التدفق المستمر للمكونات الحيوية إلى المصنعين.
ويُعيد الإجراء الصيني الذي يأتي بسوق عالمية مضطربة في الأصل، إلى الأذهان النزعة الانتقامية التي تبنّتها الصين مع اليابان في عام 2010؛ ما يسلط الضوء على إمكان تحويل موارد سلسلة إمدادات مهمة إلى صراع غير مأمون العواقب.
وكثيرًا ما هيمنت الصين على أنشطة تعدين ومعالجة المعادن الأرضية النادرة، غير أن قرارها الأخير بشأن فرض قيود على تصدير بعضها، يضيّق الخناق على المواد التي لا غنى عنها للتقنيات المتدرجة من أنظمة توجيه الصواريخ فرط الصوتية إلى تقنيات مكافحة السرطان.

حظر تصدير مماثل
تأتي إجراءت الصين الأخيرة بقطاع المعادن الأرضية النادرة في أعقاب حظر تصدير مماثل خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، شمل معادن حيوية مثل الغاليوم والغرمانيوم والأنتيمون، وهي المعادن المُستعمَلة على نطاق واسع في تصنيع الرقائق الإلكترونية، والأجهزة البصرية العاملة بالأشعة تحت الحمراء، والذخائر المخترقة للدروع.
ومنذ عام 2010، ارتفع الطلب في البنتاغون على مكونات تحوي 5 معادن حيوية -الأنتيمون، الغاليوم، الغرمانيوم، التنغستن، التيلوريوم- مع زيادة عقود تلك المعادن بنسبة 23.2% سنويًا، في حين زادت العقود المتعلقة بمعدن الغاليوم وحده بنسبة 41.8% سنويًا.
ويعتمد ما يزيد على 80 ألف مكون مختلف في 1900 سلاح حاليًا على المعادن المذكورة، أي ما يُقارب 78% من جميع أسلحة وزارة الدفاع الأمريكية، وفقًا لتقرير جديد صادر عن شركة تحليلات البيانات غوفيني (Govini).
سلاح البحرية
يتصدّر سلاح البحرية الأميركية قائمة الهيئات العسكرية الأميركية المُعتمدة على هذه المواد؛ إذ يحوي 91% من أنظمتها واحدًا على الأقل من تلك المعادن.
وأورد التقرير مثالًا على معدن الغاليوم الذي يؤدي دورًا حاسمًا في تصنيع أنظمة تحديد المواقع العالمية جي بي إس (GPS) والرادارات.
وقال التقرير: “أدّى فرض الصين حظرًا على تصدير معادن الأنتيمون والغاليوم والغرمانيوم، إلى ارتفاع نسبته 5.2% في المتوسط في أسعار المكونات التي تحوي تلك المعادن الرئيسة، مقارنةً بمشتريات تلك المكونات نفسها خلال الأشهر القليلة السابقة”.
وتحديدًا، زادت أسعار المكونات التي تحوي معدن الغاليوم بنسبة 6%، في حين ارتفعت أسعار المكونات الحاوية لمعدن الأنتيمون بنسبة 4.5%، والغرمانيوم بنسبة 1.6%.
في المقابل ارتفعت أسعار جميع المكونات الأخرى بنسبة 1.4% فقط في المتوسط، وفق أرقام واردة في التقرير، وطالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت من نتائج ذلك أن أضحى 88% من سلاسل إمدادات المعادن الحيوية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية عُرضةً للتأثير الصيني.
يُشار هنا إلى أن كل معدن الأنتيمون المُستعمَل في المنصات الرئيسة مثل طائرة إف-16، والمدمِّرة من فئة أرلي بيرك (Arleigh Burke)، وصاروخ مينيوتمان 3 (Minuteman III) يمر عبر الصين في مرحلة ما من المعالجة.

مخاطر إضافية
وفقًا لتقرير شركة تحليلات البيانات “جوفيني”؛ فإنه حتى إذا نجحت الولايات المتحدة في تفادي اعتمادها الكلي على المعادن الحيوية الـ5 المذكورة، ينتظر واشنطن مزيد من المخاطر.
وأوضح التقرير أن المغنيسيوم، وهو العنصر الرئيس لتصنيع هيكل الطائرات والقذائف، تهيمن عليه الصين، ولا يوجد مخزون منه لدى الولايات المتحدة، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وينطبق الأمر نفسه على الغرافيت والفلوريت (الفلورسبار)، وهما عنصران أساسيان لأنظمة دفع الصواريخ والليزر ومعالجة الوقود النووي.
وفي النهاية اقترح التقرير 3 حلول يتعين على أمريكا تطبيقها لمواجهة احتكار الصين المعادن الحيوية؛ أولها إحياء قطاع سعة المعالجة المحلية، واستغلال وجود بعض المعادن النادرة مصاحبة لمعادن أخرى مثل وجود الغاليوم والغرامنيوم رفقة الزنك في منجم زنك بولاية تينيسي، وتنمية المخزونات الإستراتيجية لتلك المعادن.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
- إزالة الكربون من ماء البحر.. مشروع بريطاني يقلل الانبعاثات 14 مليار طن سنويًا
- تنشيط أول مفاعل ملح منصهر يستعمل الثوريوم في العالم.. سباق “الأرنب والسلحفاة”
- الطلب على الغاز المسال.. 7 دول عربية ترسم مرحلة جديدة (مقال)
المصدر: