السودان يتفق مع إثيوبيا على إمدادها بغاز النفط المسال مقابل الكهرباء

يسعى السودان، في ظل أزمة كهرباء متفاقمة وتداعيات حرب مدمرة، إلى تعزيز شبكاته وتحقيق استقرار منظومته الطاقية من خلال التعاون الإقليمي، وفي المقدمة مع مصر.
ووفقًا لبيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، كشف وزير الطاقة والنفط السوداني، محي الدين نعيم، اتصالات جارية مع القيادة المصرية لزيادة الربط الكهربائي بين البلدين، مؤكدًا التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا لتزويدها بالغاز مقابل الكهرباء، ما يفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية واسعة في ملف الطاقة.
ولم يوضح الوزير كيفية إمداد إثيوبيا بالغاز، في ظل محدودية موارد السودان.
لكن الوزارة أكدت في إيضاح إلى منصة الطاقة، أن الوزير يقصد غاز النفط المسال (غاز الطهي) الموجود في المستودعات، وليس الغاز الطبيعي.
وأكد الوزير، اليوم الأحد 4 مايو/أيار 2025، أن نتائج هذه التحركات ستنعكس قريبًا على تحسُّن الكهرباء في ولايتي الشمالية وسنار، في وقت تشهد فيه البلاد تحديات جسيمة في البنى التحتية للكهرباء.
وتمثّل هذه الجهود استجابة مباشرة لحالة الانهيار الواسعة التي لحقت بقطاع الطاقة، إذ فقدت الخرطوم مئات الميغاواط من قدراتها التوليدية نتيجة الحرب المستمرة منذ عامين.
ويأتي هذا الحراك في سياق تحركات متسارعة لتعزيز الشراكة مع القاهرة، التي كان آخرها اجتماع رفيع المستوى في ديسمبر/كانون الأول 2024، ضمَّ وزيرَي الطاقة في البلدين لبحث مجالات التعاون في الكهرباء والطاقة المتجددة، وشمل استعراض مشروعات الربط الكهربائي والتدريب الفني.
وبينما يُنظر إلى مشروع “توشكي 2 / وادي حلفا” بوصفه نواة الربط الإقليمي الشامل، فإن البعد الإستراتيجي يتجاوز مجرد نقل الكهرباء، ليشمل تقوية الشراكات الاقتصادية، وتعزيز الأمن الطاقي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاع داخل البلاد.
الكهرباء في السودان
يواجه قطاع الكهرباء في السودان تدهورًا غير مسبوق نتيجة الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، التي تسببت في دمار واسع للبنى التحتية، وفقدان قدرات حيوية في التوليد والنقل والتوزيع.
وبحسب وزير الطاقة، تضررت محطات التوليد الحراري بفقدان ما لا يقل عن 700 ميغاواط، إثر خروج محطات رئيسة مثل بحري الحرارية، وقري 1 و2 و4، إلى جانب محطات دارفور الكبرى، كما توقفت محطة جبل أولياء الكهرومائية بالكامل بسبب وقوعها في منطقة نزاع نشط.
وفي مجال نقل الكهرباء، فقدت شركة النقل ما يزيد عن 800 كيلومتر من الخطوط، وعددًا من المحولات ومحطات التحويل، أبرزها الكباشي ومارنجان، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

كما طالت الأضرار شبكة التوزيع، بتدمير واسع للمكاتب ومحولات الضغط المتوسط، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في تقديم الخدمة بعدد من الولايات.
وفي 20 أبريل/نيسان (2025)، أدّى قصف عسكري إلى انقطاع الكهرباء عن عدد من المناطق، وعلى رأسها ولايتا نهر النيل والبحر الأحمر، ومناطق أخرى من بينها الخرطوم.
الربط الكهربائي مع مصر
يُعدّ مشروع الربط الكهربائي المصري السوداني، عبر خط “توشكي 2 / وادي حلفا” بقدرة 300 ميغاواط، من أبرز المشروعات الإستراتيجية لتأمين الكهرباء في البلاد، وتحقيق تكامل إقليمي مستدام في مجال الطاقة.
ويمتد الخط الهوائي لمسافة تقارب 170 كيلومترًا (100 كيلومتر داخل مصر، و70 كيلومترًا داخل السودان)، وتُنَفّذ من قبل الشركة المصرية لنقل الكهرباء بالتعاون مع وزارة الطاقة والنفط السودانية .
ودخلت المرحلة الأولى من المشروع الخدمة بقدرة 70 ميغاواط وجهد 220 كيلوفولت، في حين تشمل المرحلة الثانية رفع القدرة إلى 300 ميغاواط عبر دوائر مزدوجة.

ويهدف المشروع إلى تحسين استقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية، ودعم التنمية الاقتصادية شمال البلاد، كما يُتوقع أن يسهم في تسهيل التبادل الكهربائي مع إثيوبيا مستقبلًا، ضمن مشروع الربط الثلاثي المقترح بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.
وتسعى القاهرة إلى توسيع التعاون مع الخرطوم في مجالات متعددة تشمل التدريب، ودعم القدرات الفنية، وتطوير الطاقة المتجددة، وذلك في إطار تعزيز التكامل الإقليمي وتحقيق الاستدامة الطاقية.
وتضمَّن الاجتماع الوزاري في ديسمبر/كانون الأول الماضي مناقشة تنظيم ورش تدريبية، وإيفاد خبراء مصريين للمساعدة في إعداد مواصفات أطلس الرياح، إلى جانب تعزيز التعاون في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح.

الغاز مقابل كهرباء إثيوبيا
في موازاة مساعي الربط الكهربائي، يعكف السودان على تعزيز التعاون الطاقي مع إثيوبيا، من خلال إمدادها بغاز النفط المسال مقابل الحصول على الكهرباء، إذ توصلت وزارة الطاقة إلى تفاهمات جديدة مع أديس أبابا تشمل استمرار تصدير غاز الطهي وتسهيل استيراد الوقود.
وفي فبراير/شباط 2024، وُقّعت اتفاقية بين شركة النيل للبترول السودانية والمؤسسة الإثيوبية للنفط، لتوسيع التعاون في توزيع الغاز بأسعار مناسبة للمستهلكين الإثيوبيين.
ويمثّل هذا التوجه خطوة إضافية لتعزيز التكامل الإقليمي، إذ تتبادل الدول الموارد حسب وفرتها واحتياجاتها، ما يُمهّد لقيام سوق طاقية إقليمية مستدامة، تسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والسياسي لدول المنطقة.
موضوعات متعلقة..
- أسعار ألواح الطاقة الشمسية في السودان 2025
- حقول النفط والغاز في السودان.. رصد موثق للاحتياطيات والإنتاج (ملف خاص)
اقرأ أيضًا..
- نتائج أعمال سابك السعودية تسجّل خسائر بـ322.6 مليون دولار
- حقل بارس الجنوبي الإيراني يشهد خطوة جديدة.. احتياطياته 14 تريليون متر مكعب
- طريقة مبتكرة لإنتاج الهيدروجين بتكلفة أقل
- مشروع غاز ضخم يواجه شبح الانهيار.. احتياطياته 6.5 تريليون قدم مكعبة
المصادر..