من المتوقع أن تشهد 6 دول عربية أزمة كهرباء خانقة مع اقتراب ذروة فصل الصيف، وسط ارتفاع متوقع في درجات الحرارة وتزايد الطلب على الطاقة.
ووفقًا لبيانات قطاع الكهرباء في الوطن العربي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تتفاقم هذه الأزمة في العديد من الدول بسبب ضعف البنية التحتية، وانخفاض إمدادات الوقود، والتوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى مشكلات إدارية وتمويلية.
وتُعد كل من الكويت، والعراق، وسوريا، ولبنان، والسودان، واليمن في صدارة الدول التي يُتوقّع أن تشهد أزمة كهرباء خلال أشهر صيف 2025، مع تفاوت في حدة المشكلة وطبيعتها.
وفي هذا الإطار، يرى مدير تحرير منصة الطاقة عبدالرحمن صلاح، أن أزمة الكهرباء المتوقعة في هذه الدول لا يمكن فصلها عن السياق الأوسع لأزمات الاقتصاد، والحوكمة، وتغير المناخ، وهو ما يُحولها من تحدٍّ تقني إلى أزمة تنموية شاملة.
ويؤكد صلاح، أن التعويل على الحلول المؤقتة لمواجهة أي أزمة كهرباء سيبقى غير كافٍ ما لم تُباشر إصلاحات جذرية تشمل إعادة هيكلة القطاعات، وتطوير التشريعات، وتفعيل آليات الشفافية في التعاقدات وتوزيع الموارد.
الكويت
تبلغ قدرة توليد الكهرباء في الكويت نحو 20.5 غيغاواط، في حين يُتوقع أن يصل الطلب في ذروة الصيف إلى نحو 19 غيغاواط.
ورغم توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز المسال من قطر، فإن تهالك المحطات وعدم كفاية الإنتاج يدفعان إلى اتخاذ تدابير استثنائية.
وطرحت وزارة الكهرباء الكويتية مناقصات لتوسعة الطاقة الإنتاجية، لكن تنفيذ المشروعات سيستغرق سنوات، وفي الوقت الحالي، يتوقع تخفيف الأحمال ما بين ساعتَيْن و4 ساعات يوميًا، في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب.
وقالت مصادر رسمية، إن الربط مع هيئة الربط الخليجي سيُضيف نحو 500 ميغاواط يوميًا، لكنها كمية لا تُغطّي الفجوة المحتملة في حال استمرت درجات الحرارة عند مستوى 50 درجة مئوية.
أزمة كهرباء في العراق
يشهد العراق، منذ ما يزيد على 6 أشهر، أزمة كهرباء متفاقمة بفعل الانخفاض الحاد في إمدادات الغاز الإيراني، التي تراجعت إلى 20 مليون متر مكعب يوميًا بدلًا من الكمية المتفق عليها (50 مليونًا).
وأدى ذلك إلى انخفاض الإنتاج من 28 ألف ميغاواط إلى 20 ألفًا، مع توقعات بهبوطه إلى 16 ألفًا قريبًا.
ووفقًا لتقديرات منصة الطاقة المتخصصة، يبلغ الطلب اليومي على الكهرباء في العراق في ذروة الصيف نحو 55 ألف ميغاواط، ما يكشف عن عجز كهربائي يتجاوز 27 ألف ميغاواط.
وتقول وزارة الكهرباء العراقية إن الاتفاق مع تركمانستان لاستيراد الغاز لم يدخل حيز التنفيذ بعد، مما يزيد من ضغط القطع المبرمج الذي يُطبّق في معظم المحافظات.
وأضاف مصدر في الوزارة أن التجهيز يتراوح ما بين ساعتَيْن و8 ساعات يوميًا، بحسب المناطق، وأنه حتى في حال استئناف الضخ الإيراني بكامل طاقته فسيبقى العراق بحاجة إلى استثمارات ضخمة لتأهيل شبكاته ومحطاته.
سوريا
تُعد سوريا من أكثر الدول المتأثرة بأزمة الكهرباء، إذ لا يتجاوز إنتاجها حاليًا 2600 ميغاواط، مقارنة بطلب يومي يصل إلى 9 آلاف ميغاواط، ويعتمد أغلب السكان على مولدات الديزل والطاقة الشمسية المنزلية في ظل الدمار شبه الكامل للبنية التحتية منذ اندلاع الحرب عام 2011.
وقال مسؤول في وزارة الكهرباء السورية إن الأمل معقود على مشروع الربط مع تركيا وإمدادات الغاز من أنقرة، الذي قد يرفع الإنتاج إلى نحو 5 آلاف ميغاواط، إلا أن هذا الربط لن يدخل الخدمة قبل نهاية الصيف الحالي.
أزمة كهرباء مزمنة في لبنان
رغم أن لبنان يمتلك محطات قادرة نظريًا على إنتاج 3016.6 ميغاواط، فإن النقص الحاد في الوقود يحدّ من قدرتها التشغيلية إلى نحو 2000 ميغاواط، مقابل طلب يبلغ 5 آلاف ميغاواط يوميًا.
وتعتمد أغلب المناطق اللبنانية على مولدات الديزل والطاقة الشمسية، في حين تصل ساعات التغذية بالكهرباء الحكومية إلى ما بين 4 و6 ساعات فقط يوميًا.
وقال مصدر في وزارة الطاقة اللبنانية إن أزمة الوقود المزمنة، والتعثر المالي، يعوقان أي خطة متكاملة لإعادة هيكلة القطاع.
أزمة الكهرباء في اليمن
تمتد أزمة الكهرباء في اليمن إلى أغلب المناطق، إذ تُواجه مدينة عدن ومحافظات لحج وأبين أزمات خانقة، مع انقطاع يصل إلى 20 ساعة يوميًا.
وأوضح مدير المكتب الإعلامي لمؤسسة كهرباء عدن نوار أبكر، في تصريحات صحفية، أن محطات المدينة شبه متوقفة، ولا تعمل إلا محطتا “بترومسيلة” بقدرة 65 ميغاواط، و”المنصورة” بـ35 ميغاواط، في حين تتراوح قدرة المحطة الشمسية ما بين 85 و94 ميغاواط.
وأشار أبكر إلى أن الطلب خلال صيف 2025 قد يصل إلى 800 ميغاواط، محذرًا من كارثة إنسانية إذا لم تُؤمّن كميات كافية من الوقود. وأضاف: “لا توجد حلول جذرية، لكن تأمين الوقود المنتظم يمكن أن يخفّف الأزمة”.
وفي ظل الانهيار الشامل للشبكة الوطنية، تشير تقارير إلى أن 90% من السكان لا تصل إليهم الكهرباء الحكومية، ويعتمد نحو 75% منهم على الطاقة الشمسية.
وفضلًا عن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية لقطاع الكهرباء في اليمن جراء الحرب، أدّت الغارات الإسرائيلية في 2024 إلى تدمير محطات رئيسة في صنعاء والحديدة، مما فاقم الوضع.
وبلغت الطاقة المتاحة للتشغيل في 2025 نحو 309 ميغاواط فقط من أصل 960، ومع ذلك، سُجّل تقدم في مشروعات الطاقة المتجددة، أبرزها محطات شيدتها الإمارات في عدن والحديدة وشبوة.
أزمة الكهرباء في السودان
تعكس أزمة الكهرباء في السودان حجم الأزمة التي يعاني منها هذا البلد العربي الأفريقي، فالبنية التحتية متهالكة، وشبكات النقل والتوزيع تعاني منذ عقود، مع اعتماد محدود على الطاقة الكهرومائية.
وحسب تقرير صادر عن وزارة الطاقة السودانية، فإن محطات التوليد تعمل دون الصيانة اللازمة، وبلغ متوسط الانقطاع في بعض مناطق الخرطوم خلال مايو/أيار الماضي أكثر من 14 ساعة يوميًا.
وتُضاف هذه الأزمة إلى واقع سياسي متفجر، وحرب داخلية تُقطّع أوصال البلاد وتعوق أعمال الصيانة وتوريد الوقود، مع هروب الاستثمارات الأجنبية وخروج معظم الكفاءات.
الخلاصة..
بات تكرار أزمة كهرباء صيفًا بعد صيف في العديد من البلدان العربية مؤشرًا على غياب الإدارة المستدامة في كثير من الحالات.
وتُظهر الأزمة التي تمر بها هذه الدول أن قطاع الكهرباء في المنطقة العربية يعاني من أزمة بنيوية عميقة تتجاوز مجرد نقص الوقود أو ارتفاع درجات الحرارة.
كما أن الطريق إلى تجاوز أزمة كهرباء مزمنة ومتكررة كل صيف لا يمر فقط عبر الاستثمارات الطارئة، بل يتطلّب رؤية إصلاحية طويلة الأجل تشمل:
- تنويع مصادر الوقود اللازمة لتشغيل المحطات.
- تحسين الكفاءة التشغيلية.
- تعزيز التعاون الإقليمي ومشروعات الربط الكهربائي.
- تحديث شبكات النقل والتوزيع.
موضوعات متعلقة..
- أكبر 10 محطات كهرباء في الوطن العربي.. قدرات عملاقة تتقاسمها 5 دول (صور)
-
إنتاج الكهرباء في سوريا والعراق ولبنان.. أرقام تكشف حقائق صادمة (تقرير)
-
أوضاع الكهرباء في العراق والكويت.. مدير تحرير منصة الطاقة يكشف عن أبعاد الأزمة
اقرأ أيضًا..
- خريطة المناجم في الدول العربية.. ملفات حصرية
- أكبر 5 دول عربية مصدرة للنفط الخام (رسوم بيانية)
- المعادن الأرضية النادرة.. كيف أصبحت لعبة “قط وفأر” بين أميركا والصين؟
المصدر..
