عاجل

لماذا يفشل العالم في إنهاء استعمال الفحم؟ تحليل يرد

اقرأ في هذا المقال

  • ما يزال الفحم باقيًا على أجندة الطاقة العالمية
  • تحول العالم يتسارع نحو مصادر الطاقة المتجددة
  • تعهد العديد من دول العالم بالتخلص نهائيًا من استعمال الفحم
  • لا يقتصر استعمال الفحم على توليد الكهرباء، بل تبرز أهميته لصناعات عديدة
  • يستأثر قطاع الكهرباء بنسبة 65% من الطلب العالمي على الفحم

ما يزال الفحم يحتفظ بمكانته على أجندة الطاقة العالمية على الرغم من تدافع حكومات الدول على التحول إلى المصادر المتجددة طمعًا في توفير مصادر كهرباء مستدامة بموجب اتفاقية باريس للمناخ 2015.

ولا يقتصر استعمال الفحم على توليد الكهرباء، لكنه يبرز وقودًا مهمًا لصناعات حيوية مثل الصلب والأسمنت والمواد الكيميائية وقطاعات مثل الزراعة (للأسمدة).

وبناءً على ذلك، رفعت وكالة الطاقة الدولية تقديرات الطلب على الفحم بنحو 300 مليون طن مكافئ، ليصل إلى 5.307 مليار طن مكافئ عام 2030، في سيناريو السياسات الحالية بزيادة 6% عن توقعات تقرير آفاق الطاقة العالمية لعام 2023، والتي قدّرت فيه الطلب بنحو 5.007 مليار طن مكافئ للسنة نفسها.

ويستأثر قطاع الكهرباء -حاليًا- بنسبة 65% من الطلب العالمي على الفحم، في حين يستحوذ قطاع الصناعة وبعض القطاعات الأخرى على النسبة المتبقية.

تعهدات عالمية.. ولكن!

كثيرًا ما تعهد العديد من دول العالم بالتخلص نهائيًا من استعمال الفحم، بما في ذلك الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، حينما قال: “يتعين علينا أن نسرع التحول بعيدًا عن استعمال موارد الطاقة التقليدية الملوثة للبيئة”، في إشارة منه إلى الفحم، وذلك خلال كلمته في “خطاب حالة الاتحاد” الذي ألقاه أمام مجلس الشيوخ عام 2016.

ويتطلب تحقيق هدف الحد من غازات الاحتباس الحراري، لتصل إلى 1.5 درجة مئوية، كبح استعمال الفحم وهو الوقود.

وبحلول عام 2021، أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، أن قمة المناخ المنعقدة في غلاسكو قد “دقّت ناقوس الموت بالنسبة للفحم”، معلنًا خططًا بريطانية لغلق محطة الفحم الأخيرة في البلاد.

ولم يكن الساسة وحدهم هم من يؤمنون بالنهاية الحتمية للفحم، بل اعتقد خبراء في اقتصاد الطاقة كذلك أن استعمال الفحم في تراجع مطرد؛ نتيجة آثاره البيئية المدمرة، وانخفاض تكلفة الطاقة المتجددة.

لكن خطط مكافحة تغير المناخ، المدعومة بتصريحات قادة الدول وخبراء الطاقة باءت بالفشل؛ ففي أعقاب 10 سنوات من توقيع اتفاقية باريس للمناخ، لا يزال الطلب على الفحم في نمو مطرد، ولا يُظهِر أي علامات على بلوغ الذروة.

وقال كبير الباحثين في مركز سيسيرو لبحوث المناخ العالمية (Cicero Center for International Climate Research) غلين بيترز: “الفحم يشبه الأرنب في لعبة إنرجايزر؛ فهو ما يزال يتقدم”.

محطة كهرباء عاملة بالفحم
محطة كهرباء عاملة بالفحم – الصورة من إيمرجينغ يوروب

أسباب استمرار الفحم

تُعد التكلفة الرخيصة والوفرة من بين أهم الأسباب التي تفسر عدم استطاعة العالم التخلي عن استعمال الفحم، ولا سيما في الاقتصاديات النامية مثل الصين والهند وإندونيسيا، التي تسابق الزمن لتوسيع أنظمة الكهرباء لديها لسد الطلب المتنامي.

ونمَت طاقة الشمس والرياح بوتيرة قياسية خلال العقد الماضي، وإن لم تكن بالسرعة الكافية لسد الطلب المتنامي على الكهرباء.

وعلى الرغم من أن تكلفة طاقة الشمس والرياح أرخص من محطات الكهرباء بالفحم الجديدة في معظم البلدان، فإن طبيعتها المتقطعة لا تجعلها مصدرًا مستدامًا وموثوقًا لتوليد الكهرباء.

وقال أستاذ السياسات الاقتصادية في جامعة أكسفورد ديتر هيلم: “الفحم مادة شريرة من منظور بيئي”، في إشارته إلى تأثيراته بالمناخ وصحة الإنسان.

وأضاف هيلم: “لكن من منظور اقتصادي؛ فإن الفحم رخيص التكلفة بشكل مذهل، وهو متوافر على نطاق واسع، ويمكن تخزينه بسهولة، وينتِج كمياتٍ هائلةً من الكهرباء”.

البجعة السوداء

خلال السنوات الأخيرة، حوّلت أحداث غير متوقعة -أو ما يُطلَق عليه “البجعة السوداء”- مسار أنظمة الطاقة نحو الفحم.

فقد أدت جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، على سبيل المثال، إلى ظهور حزم تحفيزية ضخمة للمساعدة في التعافي الاقتصادي بعد جولات الإغلاق، إضافة إلى طفرة صناعية بعد الجائحة، ولا سيما في الصين، أكبر مستهلك للفحم بالعالم.

وعلى الرغم من أن معدل استهلاك الطاقة قد هبط مؤقتًا في ذروة الغلق الناجم عن كورونا؛ فإنه عاد بأقصى سعته.

وقال محلل الطاقة في شركة لانتو غروب (Lantau Group) الاستشارية (مقرّها شنغهاي) ديفيد فيشمان، إن تعافي الصين من “كوفيد-19” كان منصبًا على البنية التحتية والصناعات الثقيلة “خلال الوقت الذي يُفترَض فيه أن تتراجع كثافة الطاقة والكربون”.

وأضاف فيشمان: “ما لم تكن في وضع يمكنك من سد كل النمو الحاصل في احتياجات الكهرباء بمصادر منخفضة الكربون؛ فإن استعمال مزيد من الطاقة يعني -بوجه عام- استعمال المزيد من الفحم”، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما أسهمت الفوضى الناجمة عن “كوفيد-19” في تراجع أولوية الأهداف المناخية على أجندة الحكومات، في الصين وعالميًا.

وتكرر السيناريو نفسه مجددًا حينما غزت روسيا أوكرانيا خلال شهر فبراير/شباط (2022)، مع تدافع دول العالم نحو تعزيز أمن الطاقة، بدلًا من تحقيق أهدافها المناخية.

وساعدت أزمة الطاقة التي تلت الحرب الروسية الأوكرانية في نمو استعمال الفحم عبر رفع أسعار الغاز الطبيعي؛ ما جعل الأول مصدرًا رخيص التكلفة نسبيًا لتوليد الكهرباء، مقارنةً بالغاز.

شخي يمسك حبيبات فحم

توقعات ذروة الطلب فشلت أكثر من مرة

أخفقت التوقعات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية بشأن ذروة الطلب على الفحم؛ لإغفالها مخاوف أمن الطاقة واعتمادها على خطة مناخية محل جدل عالمي متصاعد.

وألقى رئيس أسواق الغاز والفحم والكهرباء في وكالة الطاقة الدولية كارلوس فيرنانديز، باللائمة على جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا، في إخفاق توقعات الوكالة المتكرر بشأن بلوغ ذروة الفحم.

وقال فيرنانديز: “إذا كان لدينا عالم موازٍ أزلنا منه كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا؛ فإنني أعتقد أن الفحم كان سيمضي في المسار نفسه المتوقع له”.

وسبق أن روّجت الوكالة أن الطلب على الفحم قد لامس ذروته في عام 2014، لكن بيانات استهلاكه المرتفعة في السنوات اللاحقة جاءت مغايرة لذلك التوقع؛ ما دفعها إلى الترويج مجددًا أن الذروة ستكون عام 2023، لكنها سرعان ما تراجعت عن ذلك، متوقعةً وصول الطلب إلى رقم قياسي جديد عام 2024.

ويعني مصطلح الذروة في تحليلات وكالة الطاقة الدولية أن مصدر الوقود محل التوقع سيبلغ أعلى مستوى لاستهلاكه عالميًا في عام معين، قبل أن يشرع في الهبوط التدريجي المتواصل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى