زيادة واردات الوقود.. خيار بريطانيا لتعويض عجز “إغلاق المصافي”

يتجه التجار في بريطانيا إلى زيادة واردات الوقود، وتأمين المزيد من الشحنات، وسط مخاوف من نقص الإمدادات في ظل إغلاق مصافي التكرير واحدة تلو الأخرى.
وصعدت هذه المخاوف في قيمة العقود ببورصة إنتركونتننتال، بعد تسجيل فجوة بين سعرَي الشراء الفوري والقريب، مقارنة بالأسعار المتوقعة للعقود الآجلة.
وجاء ذلك على خلفية إعلان إفلاس مصفاة “ليندسي” وبدء إجراءات التصفية، رغم استمرار عملها حتى الآن وانتظام وتيرة الإنتاج.
ويُعد مصير مصفاة “ليندسي” -الذي يتجه بها نحو الإغلاق- ثاني السيناريوهات من نوعها لمصافي التكرير البريطانية في غضون 3 أشهر، إذ سبقها إغلاق مصفاة أخرى أيضًا، حسب تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
زيادة واردات الوقود
يتجه الموردون إلى زيادة واردات الوقود، خصوصًا أن خيارات تأمين الإمدادات اللازمة لتلبية الطلب باتت “محدودة”.
ويأتي هذا في ظل تراجع الإنتاج المحلي، والقيود المفروضة على منتجي بحر الشمال، وتقطع موارد الطاقة المتجددة.
وشكّلت واردات المملكة المتحدة من الديزل 59% من إجمالي الاستهلاك، وواردات وقود الطائرات 88%، في الربع الأول من العام الجاري 2025 (من يناير/كانون الثاني حتى نهاية مارس/آذار).
وفي الوقت ذاته، حافظت المملكة المتحدة على كونها مُصدّرًا صافيًا للبنزين، حسب بيانات حكومية.

ويرى محللون أن إغلاق مصفاة “غرانغماوث” في أبريل/نيسان الماضي، وبدء إجراءات تصفية مصفاة “ليندسي” نهاية يونيو/حزيران الماضي، قد يعمّق معدل العجز في البلاد.
ورجحوا تسجيل عجز إضافي في إمدادات الديزل بمعدل 30 ألف برميل يوميًا، وفق تقديرات نقلها موقع إس بي غلوبال.
وساعد تحول مصفاة “غرانغماوث” -الواقعة في إسكتلندا– إلى “محطة استيراد” على زيادة واردات الوقود والمشتقات.
وقبل إغلاق المصفاة رسميًا في أبريل/نيسان، زادت الواردات بنسبة 4% بعد انتشار أنباء الإغلاق وبدء الإجراءات اللازمة، وهو السيناريو الذي يتكرّر حاليًا مع مصفاة ليندسي.
ومن جانب آخر، شهد الربع الأول من العام الجاري تسجيل بريطانيا أعلى معدلات لتخزين النفط خلال 3 سنوات، رغم الاندفاع باتجاه الاستيراد.
مصافي التكرير في بريطانيا
لم تحدد مصادر رسمية -حتى الآن- أسباب تدهور مصافي التكرير في بريطانيا، لكن التفسيرات تُشير إلى أهداف تحول الطاقة وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى خسائر الشركات.
وخلال الربع الثاني من العام الجاري (من أبريل/نيسان حتى نهاية يونيو/حزيران) فقدت بريطانيا مصفاتَيْن من أصل 6 مصافٍ كانت تشكّل قدرة التكرير في البلاد، ما يعمّق الاتجاه لزيادة واردات الوقود.
مصفاة ليندسي
تُقدّر الطاقة الإنتاجية لمصفاة ليندسي -التي تديرها مجموعة براكس بعد شرائها من توتال إنرجي- بما يتراوح بين 108 و113 ألف برميل يوميًا.
وأرجع محللون تدهور حالة المصفاة إلى انخفاض هوامش الأرباح لمستوى يعوق استمرارها لسنوات.

وقُدّرت الخسائر التراكمية للمصفاة (منذ استحواذ مجموعة براكس عليها عام 2021، حتى فبراير/شباط 2024) بنحو 75 مليون جنيه إسترليني (102.39 مليون دولار أميركي).
(الجنيه الإسترليني = 1.37 دولارًا أميركيًا)
وتزامن بدء إجراءات التصفية نهاية الشهر الماضي مع مواصلة المصفاة عملها حتى الآن، حسب آخر تحديث صادر عن وزارة الطاقة والحياد الكربوني.
وخلال إجراءات التصفية استعدادًا لوقف نشاط التكرير بالمصفاة، تُقيّم الهيئات المعنية مرافقها، وتُعدّ سيناريوهات محتملة للاستفادة منها.
ويبدو أن الرواية الحكومية لا تتوافق مع مصادر السوق، إذ أكد متعاملون أن عمليات تحميل الوقود توقفت في المصفاة التي يُقدّر إنتاجها اليومي بنحو 30 ألف برميل ديزل و50 ألف برميل بنزين، ما أدى إلى “صدمة مفاجئة” في السوق.
وعزّز ذلك من إقبال التجار على زيادة واردات الوقود، وألهب أسعار العقود بزيادة 4.5 دولارًا للمرة الأولى على مدار 16 شهرًا.
ولم تقتصر تداعيات التصفية والإغلاق على السوق المحلية فقط، إذ كانت ترتبط المصفاة مع شركة غلينكور بعقد توريد طويل الأجل للنفط الخام، ما يعزّز حالة اليقين في السوق.
مصفاة غرانغماوث
أُغلقت أعمال تكرير مصفاة غرانغماوث -التي تصل طاقتها إلى 150 ألف برميل يوميًا- في أبريل/نيسان الماضي، وتحولت إلى ما يشبه مرافق لتخزين الواردات، رغم أن عمرها يعود إلى 100 عام.
وبذلك تتبقى 4 مصافٍ فقط قيد التشغيل، هي: فاولي، وبمبروك، وهامبر، وستانلو.

وكانت الشركة المشغلة لمصفاة غرانغماوث المغلقة “بترونيوس” قد كشفت عن خسائر تراكمية منذ عام 2011، بنحو بلغ 775 مليار دولار.
وحصلت الشركة المشغلة للمصفاة على قرض حكومي بقيمة 230 مليون جنيه إسترليني، عام 2014، لضمان استمرار التشغيل.
وقبل الإغلاق أكد مسؤولون عدم جدواها الربحية، ما يعزز أولوية توجيه حزم الإنقاذ المالي إلى الطاقة النظيفة.
وطمحت الحكومة في تحويل المصفاة إلى مركز منخفض الكربون لمشروعات إعادة تدوير البلاستيك وأعمال التكرير الحيوي، لكن هذه الخطط لم ترَ النور رغم رصد تمويل يقارب 225 مليون جنيه إسترليني.
موضوعات متعلقة..
- مصفاة تكرير بريطانية بطاقة 113 ألف برميل يوميًا تشهر إفلاسها
- أسعار الوقود في المملكة المتحدة تقفز لأعلى مستوى خلال 5 أشهر
- غلق أقدم مصفاة نفط في إسكتلندا.. وصناعة التكرير تلفظ أنفاسها الأخيرة
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: إيران تورّطت في دعم ألمانيا.. وهذا ما قاد مصدق لتأميم النفط
- عدد حفارات النفط الأميركية يسجل أقل مستوى منذ سبتمبر 2021
- إنتاج الوقود الحيوي في العالم يرتفع 8% بقيادة 4 دول
المصادر..