عاجل

الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا.. فجوة واسعة بين الخليج وباقي المنطقة

تُعدّ الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا مؤشرًا بالغ الأهمية لقياس تطور البنية التحتية وجودة المعيشة.

فبينما ترتفع الأرقام في عدد من دول الخليج، فإنها تنخفض في دول عربية أخرى، ما يعكس تباينات حادة في مستوى التنمية والقدرة على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة.

وتُظهر بيانات مسح أجرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أن الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا تتركز في الخليج، إذ يتجاوز استهلاك الفرد في بعض البلدان أضعاف المعدلات العالمية.

ويعكس هذا النمط سياسات الدعم الواسع لقطاع الكهرباء، وارتفاع معدلات التحضر، وانتشار الأجهزة الكهربائية عالية الاستهلاك، مثل أجهزة التكييف.

في المقابل، يسجّل العديد من الدول العربية معدلات استهلاك فردي منخفضة، بعضها أقل من 2000 كيلوواط/ساعة سنويًا، وهو ما يشير إلى تحديات في شبكات التوزيع، أو ضعف القدرة الشرائية، أو حتى اضطرابات سياسية أثّرت في استقرار قطاع الطاقة.

وتأتي هذه الأرقام في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى ترشيد استهلاك الكهرباء، وتعزيز كفاءة استعمال الطاقة، في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية والمخاطر البيئية في المنطقة.

صدارة خليجية في استهلاك الكهرباء

تتصدر الكويت قائمة الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا، بمعدل يُقدّر بنحو 19.062 كيلوواط/ساعة سنويًا، متقدمة على البحرين التي سجلت 18.130 كيلوواط/ساعة، ثم الإمارات بـ16.195 كيلوواط/ساعة، تليها قطر عند 15.055 كيلوواط/ساعة.

وتُعدّ هذه المستويات من بين الأعلى عالميًا، إذ تفوق في بعض الحالات استهلاك الفرد في دول صناعية كبرى.

وتُعزى هذه المعدلات المرتفعة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها نمط الحياة المرتبط بالاستهلاك العالي للطاقة، والاعتماد شبه الكامل على الكهرباء في التبريد خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى الدعم الحكومي المستمر الذي يبقي أسعار الكهرباء عند مستويات منخفضة نسبيًا، ما يشجّع على الاستهلاك غير الرشيد.

ولا يقتصر الأمر على حجم الاستهلاك، بل يتصل أيضًا بنوعية الخدمات الكهربائية، إذ توفر دول الخليج تغطية شاملة واستقرارًا شبه كامل في إمدادات الكهرباء، وهي عوامل تُعدّ من مؤشرات جودة الحياة والبنية التحتية المتطورة.

محطة لتوليد الكهرباء بالغاز في السعودية
محطة لتوليد الكهرباء بالغاز – الصورة من سولزر

استهلاك الكهرباء في السعودية وسلطنة عمان

تأتي السعودية ضمن الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا، بمعدل يقدَّر بـ9.648 كيلوواط/ساعة سنويًا، وهو رقم مرتفع مقارنة بالمعدل العربي العام، إلّا أنه أقل من مستويات جيرانها الخليجيين.

ويعود ذلك جزئيًا إلى التوزيع الجغرافي الواسع للمملكة، وتباين مستويات التحضر بين المناطق المختلفة.

أمّا سلطنة عمان، فتشير التقديرات إلى استهلاك يزيد على 8 آلاف كيلوواط/ساعة للفرد سنويًا، وهو مستوى يضعها بالشريحة العليا ضمن الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا.

وقد شهدت السلطنة تطورًا كبيرًا في شبكات الكهرباء خلال العقد الأخير، ضمن خطط تنويع مصادر الطاقة.

استهلاك الكهرباء في منطقة شمال أفريقيا

في شمال أفريقيا، تختلف الصورة جذريًا، فقد سجّلت ليبيا استهلاكًا للفرد يُقدّر بين 3500 و4000 كيلوواط/ساعة، بينما بلغ المعدل في الجزائر نحو 1800 كيلوواط/ساعة فقط، وفي المغرب يتراوح بين 1500 و2000 كيلوواط/ساعة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتُظهر هذه الأرقام التباين في قدرة الدول المغاربية على إيصال الكهرباء لجميع السكان، فضلًا عن الفوارق في مستوى الدخل، وأسعار الكهرباء التي قد تؤثّر في قرارات الاستهلاك، ما يبرز موقعها بقائمة الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا.

كما تعاني بعض هذه الدول من نقص الاستثمارات في الطاقة، أو تأخُّر في تحديث البنى التحتية، ما ينعكس على معدلات الاستهلاك الفردي.

محطة كهرباء تهدارت المغربية
جانب من جولة منصة الطاقة داخل محطة كهرباء تهدارت المغربية

استهلاك الفرد من الكهرباء في مصر

تُقدّر كمية الكهرباء التي يستهلكها الفرد في مصر سنويًا بنحو 2000 كيلوواط/ساعة، وهو رقم يُعدّ منخفضًا نسبيًا إذا ما قورن بإجمالي حجم إنتاج الكهرباء في البلاد، الذي يتجاوز 200 تيراواط/ساعة سنويًا.

ويُفسَّر ذلك بأن الزيادة السكانية الكبيرة في مصر تُوزع الاستهلاك على عدد هائل من الأفراد، بالإضافة إلى اعتماد شريحة واسعة من السكان على أجهزة منخفضة الاستهلاك.

كما أن شرائح الكهرباء ما زالت تُشكّل عاملًا في ضبط السلوك الاستهلاكي، إذ بدأت الدولة خطة تدريجية لإلغاء الدعم منذ سنوات.

محطة كهرباء شمال القاهرة
محطة كهرباء شمال القاهرة- الصورة من شركة كهرباء القاهرة

لماذا هذا التفاوت؟

يعكس التفاوت في الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا حجم الفجوة بين دول الخليج الغنية بالموارد، التي تمتلك قدرات إنتاج وتوزيع كبيرة، ودول أخرى تواجه تحديات اقتصادية وبنيوية.

ففي حين تتمتع بعض الدول بفائض في إنتاج الكهرباء وتقدّم خدمات عالية الكفاءة، تعاني دول أخرى من نقص التمويل أو ضعف شبكات التوزيع، أو حتى من اضطرابات سياسية تعيق تطوير القطاع.

ومن جانب آخر، فإن نمط الاستهلاك في دول الخليج أكثر ارتباطًا بالقطاعات السكنية والتجارية، مع اعتماد مكثّف على أجهزة التكييف، في حين يظل الاستهلاك في الدول الأخرى أكثر ارتباطًا بالاحتياجات الأساسية.

الطريق نحو كفاءة الطاقة

مع تزايد التحديات المناخية والضغوط الاقتصادية، بدأت بعض الدول العربية في اتخاذ خطوات لتحسين كفاءة الطاقة، من خلال نشر العدّادات الذكية، ودعم الطاقة الشمسية والريحية، وتحديث شبكات النقل والتوزيع.

ومع أن الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا ما تزال تحتفظ بمعدلات مرتفعة، فإن بعض المبادرات في السعودية والإمارات تُظهر تحوّلًا تدريجيًا نحو إدارة أفضل للطلب، لا سيما في القطاع السكني.

لكنّ تحقيق توازن حقيقي في الاستهلاك يتطلب إصلاحات هيكلية، تشمل تسعير الكهرباء بطريقة واقعية، وتحفيز كفاءة الأجهزة، وتوسيع استعمال مصادر الطاقة المتجددة.

الخلاصة..

يُعدّ استهلاك الكهرباء للفرد مقياسًا حاسمًا لفهم واقع قطاع الطاقة في العالم العربي.

ورغم أن الدول الأكثر استهلاكًا للكهرباء للفرد عربيًا تتركز في منطقة الخليج، فإن الفجوة ما تزال قائمة مع بقية الدول، ما يطرح أسئلة مهمة حول سياسات الطاقة، وعدالة التوزيع، ودور التنمية المستدامة في تضييق هذه الفجوة مستقبلًا.

موضوعات متعلقة..

المصدر:

  1. أعلى 100 دولة في استهلاك الكهرباء للفرد عالميًا من منصة “داتا كومونز”
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى