توترات البحر الأحمر تقلب موازين سوق وقود السفن.. وخريطة الطلب تتغير

تشهد سوق وقود السفن تقلّبات عنيفة منذ تصاعد توترات البحر الأحمر، إذ تُغيّر الناقلات مساراتها بحثًا عن رحلات آمنة، حتى لو اضطرها ذلك إلى أن تسلك طرقًا أطول.
وتسبّبت هذه المستجدات في تغيير نقاط تزويد السفن بالوقود، خاصة مع ظهور ممارسات أخرى في قطاع الشحن البحري، مثل نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى، وظهور أسطول ظلّ يسعى للتهرّب من العقوبات، حسب التحديثات لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
ويرى محللون أن تداعيات توترات البحر الأحمر -الناجمة عن مهاجمة الحوثيين السفن، رفضًا لاستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة- ستنعكس على خريطة المواني ونقاط التزوّد بالوقود.
ورغم تنوع الأحداث الجيوسياسية مؤخرًا، فإن تغيير مسارات السفن نتيجة توترات البحر الأحمر أثّر في سوق الوقود البحري أكثر من الحرب الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة، التي استمرت 12 يومًا في يونيو/حزيران 2025 الماضي.
واقع سوق وقود السفن
يُشير واقع سوق وقود السفن إلى تعرّض البنية التحتية لموانٍ في البحر المتوسط وشرق وجنوب قارة أفريقيا والمحيط الهندي لضغوط قوية، خاصة مع توجيه مسار الناقلات بعيدًا عن قناة السويس.
وعزفت الناقلات عن بعض نقاط التزوّد بالوقود، وظهرت موانٍ جديدة مع تغيير مسار الناقلات، ما تسبب بتقلّبات واسعة في خريطة الطلب.
وتجنّبت سفن عدة قناة السويس خلال وقت تصاعد التوترات، في حين ما تزال سفن الحاويات تسلك طرقًا أطول حتى الآن. كما تراجعت وتيرة المرور في ميناءي جدة وينبع.

وفتحت مواني كيب تاون وديربان في جنوب أفريقيا أبوابها أمام الناقلات للتزوّد بوقود السفن.
وسجّل نقل الشحنات من سفينة إلى أخرى وتيرة متزايدة في مواني صحار والدمام وكولومبو وسواحل جنوب أفريقيا، في إطار بحث شركات الشحن المشغلة للناقلات عن طرق أكثر أمانًا، حتى وإن كلفها ذلك مسافات أطول للرحلات وزيادة في استهلاك الوقود.
وبدأت بعض الشركات إدراك سيناريو نقص الوقود المحتمل، وبدأ تفعيل أنظمة الحجز المبكر للتزوّد -في موانٍ مثل بيرايوس اليوناني، وإسطنبول- ما ساعد في خفض حدة الضغط وتجنّب ارتفاع الأسعار.
الطلب على الوقود
تعرّضت البنية التحتية للتزوّد بوقود السفن لضغوط مع تزايد الطلب بمعدل 30%، وفق تقديرات نقلها موقع إس بي غلوبال عن تاجر.
وانعكست زيادة الطلب سلبًا على السوق؛ إذ رصد متعاملون تأخيرات في التوريدات وزيادة في الأسعار.
وسجّلت مبيعات الوقود بميناء “لويس” في موريشيوس -الواقعة شرق أفريقيا- زيادة العام الماضي 2024، لتصل إلى مليوني طن متري، ارتفاعًا من 500 ألف طن متري في العام السابق له، حسب نتائج مسح شركة “بانكر وورلد”.
وحتى داخل البلد الواحد كان التباين واضحًا بين كل ميناء وآخر، وربما قد يرجع ذلك إلى موقع كل ميناء في مسار الناقلات.
وتُعدّ مواني جنوب أفريقيا مثالًا على التباين السعري، وبلغ سعر الوقود البحري في كيب تاون 644 دولارًا/طن في 4 يوليو/تموز الجاري، بزيادة قدرها 34 دولارًا مقارنة بسعر طن الوقود في ديربان.
وعزّزت الحرب الإسرائيلية الإيرانية من مخاوف التجار؛ ما رفع أسعار وقود السفن إلى مستويات قياسية، لكن مع تراجع حركة الملاحة مدفوعة بتصاعد القصف انخفضت الأسعار ومعدل الطلب مرة أخرى.

مواني الخليج
عاودت أسعار تزوّد السفن بالوقود الانخفاض والهدوء النسبي مرة أخرى، لكنها أوجدت بعض التداعيات السلبية في مواني الخليج.
وفي الإمارات، تأثر ميناء الفجيرة الذي يُعد مركزًا خليجيًا رئيسًا لتزويد السفن والحاويات بالوقود بحرب إيران وإسرائيل، في حين كان ميناء “جبل علي” أكثر استقرارًا.
وفي سلطنة عمان، شهدت سوق التزود بالوقود نقصًا في الإمدادات، خاصة من زيت الوقود منخفض الكبريت، مقابل وفرة من الديزل الأحمر.
ولا يعود نقص زيت الوقود منخفض الكبريت في عُمان إلى ارتفاع الأسعار المتأثر بتداعيات جيوسياسية، لكن لأسباب تتعلق بعدم إنتاج مرافق التكرير هذا النوع، وعدم جاهزية الحكومة لاستيراده.
ولتجاوز هذا النقص، حصلت شركتا “أواسيس إنرجي” وشركة النفط البريطانية “بي بي” فقط على تصاريح استيراد.
وبلغ سعر الديزل الأحمر البحري منخفض الكبريت في صلالة 865 دولارًا للطن، مقابل 844 دولارًا للطن في مسقط.
موضوعات متعلقة..
- مبيعات وقود السفن في الفجيرة ترتفع من أدنى مستوياتها خلال 3 أشهر
- توترات البحر الأحمر تغير مسار حركة الشحن.. دول أفريقية وخليجية أبرز المستفيدين (تقرير)
- هجمات الحوثيين على السفن وطرق نقل النفط تفاقم التوترات في البحر الأحمر (مقال)
اقرأ أيضًا..
- 3 حقول نفط عملاقة في ليبيا تعيد شركتي طاقة عالميتين
- اكتشاف غاز في قبرص يعزز آمال مصر.. تقديرات محتملة بـ3.2 تريليون قدم مكعبة
- احتياطيات النفط في أفريقيا 2024.. ليبيا بالصدارة وهذا ترتيب الجزائر
المصدر: