ندوة أوبك الدولية.. وزراء الطاقة يحذرون من تأخير الاستثمار في النفط والغاز (تقرير)

سلّطت الجلسة الوزارية الأولى ضمن فعاليات ندوة أوبك الدولية التاسعة، الضوء على ضرورة عدم تأخير الاستثمار في النفط والغاز، نظرًا لدورهما المستمر في مزيج الطاقة العالمي.
واتفق وزراء الطاقة المشاركون في الجلسة الوزارية حول “أسواق النفط: أمن الطاقة والنمو والازدهار” على أن النفط سيظلّ سلعة أساسية وإستراتيجية لسنوات عديدة مقبلة، ما يستلزم استثمارات كافية لتطوير الإنتاج.
كان أمين عام أوبك، هيثم الغيص، قد افتتح اليوم الأربعاء، ندوة أوبك الدولية التاسعة، التي تُعقَد بعنوان “رسم المسارات معًا: مستقبل الطاقة العالمية، يومي 9 و10 يوليو/تموز 2025، بالعاصمة النمساوية فيينا.
وقال الغيص في كلمته: “تسعى ندوتنا إلى معالجة السؤال التالي: كيف نحقق التوازن بين تحقيق أمن الطاقة، وتعزيز الوصول إليها، وتخفيف وطأة فقر الطاقة حول العالم، وفي الوقت نفسه معالجة الانبعاثات وخفضها؟”
بينما أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن أيّ عملية تحوُّل لا تُراعي الحدّ من الفقر وتحسين وصول الطاقة إلى المجتمعات المحرومة، مصيرها الفشل الحتمي، محذّرًا من أن العالم سينزلق إلى أزمة طاقة، حال الاعتماد على مسارات غير واقعية.
تداعيات نقص الاستثمار في النفط والغاز
قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، إن العالم يعيش في بيئة تتميز بقلّة الاستثمار في النفط والغاز، وكلّما طالت هذه المدة، زادت المعاناة لسنوات مقبلة.
وأضاف في كلمته خلال الجلسة الوزارية الأولى ضمن فعاليات ندوة أوبك الدولية: “لحسن الحظ، يستثمر بعضهم بغضّ النظر عن هذا الأمر.. لكن لدينا عدد قليل جدًا من الدول التي تستثمر في الطاقة الإنتاجية”.
وقال الوزير، في تصريحات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة: “الواقع اليوم هو أننا نفقد الطاقة الإنتاجية.. إذا نظرنا إلى الطاقة الإنتاجية العالمية، نجد أن هذا الرقم يتناقص سنويًا”.
وأرجع المزروعي هذا الأمر إلى أن المزيد من الدول تجد نفسها في بيئة لا تستطيع فيها إنتاج ما أنتجته العام الماضي أو حتى الشهر الماضي، وستحتاج هذه الدول إلى استثمارات كبيرة للبقاء في مستوياتها الحالية.
وتابع: “هذا هو حال تحالف أوبك+.. هذا ما تحاول المجموعة المكونة من 22 دولة فعله، بالتضحية أحيانًا بإجراء تخفيضات طوعية للإنتاج للحفاظ على سعر معقول للمستثمرين”.

كان وزير الطاقة الإماراتي قد أكد في تصريحات سابقة، اليوم الأربعاء (9 يوليو/تموز 2025)، أن أسواق النفط تستوعب زيادات إنتاج أوبك+ دون بناء مخزونات، ما يعني أنها متعطشة لمزيد من النفط.
وشدد المزروعي على أنه لا يشعر بالقلق بشأن فائض المعروض، حتى بعد الزيادات الأخيرة في الإنتاج.
وقال: “كما ترون، حتى مع الزيادات التي شهدناها لعدّة أشهر، لم نشهد تراكمًا كبيرًا في المخزونات، ما يعني أن السوق كانت بحاجة إلى تلك البراميل”.
وأضاف: “ما نريده هو الاستقرار، ولا يمكن أن نكون قصيري النظر بمجرد النظر إلى السعر.. نحتاج إلى أن يكون السعر مناسبًا لجذب الاستثمارات”، مشيرًا إلى أن الدول ذات الاحتياطيات النفطية الكبيرة ما تزال لا تستثمر بما يكفي.
ضمان أمن إمدادات الطاقة
كما سلّط وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار الضوء على تأثير التوترات الجيوسياسية العالمية والحروب وعدم اليقين الاقتصادي، على توازن العرض والطلب على الطاقة.
وأكد بيرقدار -خلال مشاركته في الجلسة الوزارية الأولى ضمن فعاليات ندوة أوبك الدولية- أهمية تنوُّع الموارد والتعاون الإقليمي، لضمان أمن أسواق الطاقة المتزايدة التعقيد، وقابلية التنبؤ بها.
وتطرق بيرقدار إلى أنشطة التنقيب والإنتاج النشطة للنفط والغاز الطبيعي في تركيا بهذا المجال لتعزيز أمن إمدادات الطاقة، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تسهم أيضًا في استقرار الطاقة العالمي.

كما أعلن وزير الطاقة التركي أن الغاز سيُصَدَّر إلى سوريا قريبًا، وهو ما يتطابق مع تصريحات حصرية أدلى بها مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء السورية، المهندس خالد أبو دي، إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء السورية إلى أن اتفاق استيراد الغاز الطبيعي من تركيا مرتبط بجاهزية خط الربط، الذي تمّت أعمال تنفيذه.
وقال: “مع بدء عمليات التجريب، ظهرت بعض المشكلات التقنية من جانب الشبكة السورية، حيث تعمل الفرق الفنية حاليًا على إجراء الصيانة الشاملة”.
وحسب تصريحات المهندس خالد أبو دي، فإنه من المتوقع اكتمال معالجة هذه المشكلات خلال اليومين المقبلين، لتبدأ بعدها عمليات الضخ التجريبي، التي ستوجَّه إلى محطة توليد الكهرباء في مدينة حلب.
استمرار نمو الطلب على النفط
من جانبه، أكد وزير النفط الكويتي طارق الرومي أن النفط سيظلّ سلعة أساسية وإستراتيجية لسنوات عديدة مقبلة، ولن يستطيع العالم الاستغناء عنها.
وخلال الجلسة الوزارية الأولى ضمن فعاليات ندوة أوبك الدولية، أوضح الرومي أن توقعات الخبراء وشركات الاستشارات العالمية تشير إلى نمو الطلب على النفط خلال السنوات المقبلة.
وتابع الوزير: “لا أعتقد أن صناعات كثيرة -وفي مقدّمتها الطيران، والنقل، والبتروكيماويات- تستطيع الاستغناء عن النفط”، بل إنّه يُعدّ سلعة أساسية للعديد من الصناعات، بحسب تصريحات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وشدد على أن هناك عوامل تدعم نمو الطلب على النفط، وفي مقدّمتها الأسواق الواعدة في آسيا، بالإضافة إلى أن عدد سكان العالم في ازدياد، والتطور الذي يشهده قطاع الصناعة عالميًا.
أمّا وزير الطاقة الهندي، هارديب سنيغ بوري، فقد أشار إلى أن بلاده تستهلك اليوم 5.6 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، وفقًا لتقديرات أوبك.
وقال بوري، خلال الجلسة الوزارية الأولى: “خلال العقدين المقبلين، ستأتي 25% من الزيادة في الطلب العالمي على النفط من الهند”.
وأضاف: “أعتقد أن تقديرات أوبك تشير إلى أنه بحلول عام 2045، ستستهلك الهند 11 مليون برميل يوميًا”.
النفط والغاز في مزيج الطاقة
أوضح وزير الطاقة الأذربيجاني، برويز شهبازوف، في الجلسة الوزارية الأولى ضمن فعاليات ندوة أوبك الدولية، أن إمكانات الغاز الطبيعي في أذربيجان يُمكن أن تؤدي دورًا مهمًا بأمن الطاقة في أوروبا، إلّا أن تحقيق هذه الإمكانات بالكامل ممكنٌ من خلال الاستثمار والالتزامات الطويلة الأجل.
وبحسب قوله، يُعدّ تطوير احتياطيات جديدة وتوسيع البنية التحتية من الشروط الرئيسة في هذا الصدد.
وأكد الوزير أنه على الرغم من التوقعات بأن تتجاوز حصة النفط والغاز في مزيج الطاقة بحلول عام 2050 نسبة 53%، فإن القيود الحالية المفروضة على تطوير موارد الطاقة التقليدية قد تؤدي إلى نقص في الإمدادات مستقبلًا.
وأضاف الوزير: “بما أن النفط والغاز يحتلّان مكانة رئيسة في مزيج الطاقة لدينا، وأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل، فلا ينبغي تأجيل الاستثمارات في هذا المجال”.
كما قال: “إن توفير إمدادات طاقة مستدامة أمر مستحيل دون استثمار.. إن انخفاض الاستثمار في مشروعات الطاقة قد يؤدي إلى اضطرابات في الإمدادات ومخاطر حقيقية في المستقبل”.

وسلّط الوزير الضوء على دور بلاده في معضلة الطاقة الثلاثية، المتمثلة في الحفاظ على التوازن بين أمن الإمدادات، وسهولة الوصول إليها، واستدامتها، لا سيما في إمدادات النفط والغاز إلى أوروبا.
وأكد أن أذربيجان تُزوّد حاليًا أكثر من 20 دولة بالنفط، و12 دولة بالغاز؛ إذ أشار إلى أن الغاز الأذربيجاني يُغطي حاليًا 78% من استهلاك الغاز في جورجيا، وأكثر من 50% في بلغاريا، و18% في اليونان، ونحو 16% في إيطاليا، و18.5% في تركيا.
كما يوجد حاليًا طلب إضافي على الغاز يبلغ 14 مليار متر مكعب من دول غير أعضاء في ممر الغاز الجنوبي.
موضوعات متعلقة..
- ندوة أوبك الدولية التاسعة تحدد مسارات مستقبل الطاقة.. جدول الأعمال وأبرز الجلسات
- وزير الطاقة السعودي يحذر من سياسات تحول الطاقة والشعارات غير الواقعية
- ندوة أوبك الدولية.. وزير النفط الكويتي: العالم لن يستطيع الاستغناء عن النفط
اقرأ أيضًا..
- كيف حصل الأميركيون على النفط الإيراني بعد الانقلاب ضد مصدق؟ أنس الحجي يجيب
- اكتشاف غاز في قبرص يعزز آمال مصر.. تقديرات محتملة بـ3.2 تريليون قدم مكعبة
- الهيدروجين الأخضر في أوروبا أساس خفض الانبعاثات.. لماذا تجاهلته المفوضية؟
- مخزونات النيكل في الصين تتضاعف لدعم صناعة السيارات الكهربائية
المصادر: