4 سيناريوهات لفائض الغاز الروسي في ظل تراجع الطلب الأوروبي

يشكّل فائض الغاز الروسي صداعًا في رأس موسكو، منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، وفرض عقوبات تدريجية على الصادرات.
ومع تراجع الطلب الأوروبي على غاز موسكو، وانتهاء اتفاقيات التوريد عبر خطوط الأنابيب مطلع العام الجاري 2025، باتت روسيا أمام مأزق حقيقي على مستوى الإنتاج والتصدير، وتكدس الإمدادات دون عوائد.
وتعكس المقارنة بين صادرات شركة غازبروم (عملاقة الغاز في روسيا) خلال العام الماضي 2024، وقبل ذلك بنحو 5 أو 6 سنوات، فجوة كبيرة خلّفتها تداعيات فقدان أوروبا بصفتها سوقًا رئيسة للإمدادات، حسب تحديثات قطاع الغاز العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
وفي الآونة الحالية، تواجه صاحبة أكبر احتياطيات غاز طبيعي في العالم معضلة كبرى في إدارة فائض إمداداتها، ما فتح باب النقاش بين مسؤولين حول السيناريوهات المحتملة.
إنتاج الغاز الروسي وصادراته
كشفت بيانات حجم الفجوة بين إنتاج وصادرات الغاز الروسي، بالقياس على أداء شركة غازبروم المملوكة للدولة العام الماضي.
وبلغ إنتاج الشركة 416.19 مليار متر مكعب، ارتفاعًا من أقل مستوى إنتاجي لها المسجل عام 2023 بنحو 355.23 مليار متر مكعب.
ومقابل حجم الإنتاج الكبير للعام الماضي، وصل إجمالي مبيعات الشركة (سواء للسوق المحلية، أو الصادرات) 361.7 مليار متر مكعب، ما يشير إلى وجود فائض يقترب من 55 مليار متر مكعب.
وقُدرت صادرات الشركة إلى السوق الأوروبية بنحو 32 مليار متر مكعب فقط العام الماضي، هبوطًا من مستوى ذروة خلال عامَي 2018 و2019 يتراوح بين 175 و180 مليار متر مكعب، حسب تقديرات نشرتها رويترز.
ويكشف الرسم أدناه -من إعداد منصة الطاقة- تراجع صادرات شركة غازبروم إلى الاتحاد الأوروبي بعد الحرب الأوكرانية:
وتعكس هذه الأرقام مدى تأثر روسيا بفقدان السوق الأوروبية التي كانت تُعد أبرز مزوديه بالغاز قبل حربها ضد أوكرانيا.
وتُشير التوقعات إلى انخفاض هذه المعدلات إلى النصف خلال العام الجاري، بعد انتهاء مدة التعاقد طويل الأجل على الغاز عبر خطوط الأنابيب.
سيناريوهات إدارة الفائض
في الآونة الحالية، تسيطر مناقشة سيناريوهات إدارة الفائض على مناقشات المسؤولين الحكوميين وتنفيذيي الشركات.
ويأتي هذا في ظل استمرار تراجع الصادرات إلى أوروبا، وتوقف اتفاقية الضخ إلى أوكرانيا عبر خطوط الأنابيب منذ يناير/كانون الثاني 2025.
وتتضمّن إدارة الفائض 4 سيناريوهات محتملة، نستعرضها فيما يلي:
1) قطاع الكيماويات
أكّد وزير التطوير في القطب الشمالي والشرق الأقصى، أليكسي تشيكونكوف، أنه يمكن توجيه فائض الغاز الروسي إلى قطاع الكيماويات، خاصة أن هذا الاتجاه يتوافق مع رغبة المستثمرين.
ويمكن أن يحدث ذلك عبر الاستفادة من الغاز الطبيعي بوصفه مادة خامًا لإنتاج بعض المواد (مثل: الأسمدة، والبلاستيكيات، والميثانول)، التي يطلق عليها (صناعات بتروكيماوية قائمة على الغاز).
ويُسهم ذلك في الاستفادة من كميات الغاز الفائض خاصة في المناطق الشمالية من روسيا.
وأوضح تشيكونكوف أن الصادرات إلى الغرب (أوروبا) عبر خطوط الأنابيب، كانت تصل إلى 0.5 مليار متر مكعب يوميًا في السابق، وبعد توقف هذه الإمدادات يجب البحث عن منافذ بديلة لها.
2) الاستهلاك المحلي والأسواق الجديدة
يمكن لروسيا أن تتوسع في توجيه فائض الغاز لتلبية الطلب المحلي الآخذ بالارتفاع، مثل:
- تغذية الطلب في القطاع الصناعي.
- تكثيف استهلاك شركة غازبروم للإمدادات في: توليد الكهرباء بحقول الغاز وخطوط الأنابيب.
- الاستهلاك في قطاعات التدفئة المنزلية وغيرها.
ومن جانب آخر، يحرص مسؤولو الشركات في روسيا على فتح أسواق جديدة لإمدادات الغاز، مثلما توجهوا بقوة إلى آسيا (خاصة الهند والصين).

3) مراكز البيانات
اقترح أليكسي تشيكونكوف توجيه فائض الغاز الروسي لصالح توليد الكهرباء وتشغيل مراكز البيانات، خاصة التي تستهدف تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وعادة ما تستهلك هذه المراكز الكثير من إمدادات الكهرباء اللازمة للتشغيل، ما سبب ارتفاعًا في الطلب العالمي.
ورغم ذلك، قُوبل هذا الطرح بالتحفظ من قِبل نائب وزير الطاقة بافيل سوروكين، إذ رجح تشغيل مراكز البيانات بالكهرباء المولدة من الفحم بالاستفادة من موارده المكدسة في ظل العقوبات وتوقف صادراته بموجب الحظر الأوروبي.
وأرجع ذلك إلى ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعي لتشغيل مراكز البيانات، مقارنة بالفحم.
4) العملات الرقمية (المشفّرة):
تضمّنت سيناريوهات إدارة فائض إمدادات الغاز الروسي توجيهها لصالح صناعة تعدين العملات المشفرة، وتوسعة استعمالها على نطاق واسع.
وقدر أكبر مشغل لمراكز البيانات الروسية “بت ريفر” إمكان استهلاك تعدين العملات ما يقرب من 10 مليارات متر مكعب سنويًا من غاز النفط المصاحب.
موضوعات متعلقة..
- توقف الغاز الروسي عبر أوكرانيا.. التداعيات الأوّلية والسيناريوهات المستقبلية (مقال)
- صادرات روسيا من الغاز الطبيعي إلى أوروبا تهبط 46%.. وزيادة الضخ عبر تركيا
- حقول النفط والغاز في روسيا.. أبرز الإمكانات والاحتياطيات (ملف خاص)
اقرأ أيضًا..
- خطة لتطوير شبكة الغاز في المغرب بمليار دولار.. ومسؤولة: سنصبح مثل السعودية
- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي ترتفع قرب مستويات قياسية
- الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. كيف تؤثر في منشآت الطاقة الحيوية للبلدين؟ (مقال)
المصدر..