الهيدروجين الطبيعي لا يماثل “حمى الذهب”.. تقرير يفند مزاعم خاطئة

يتمتع الهيدروجين الطبيعي بإمكانات واعدة تجذب اهتمام مختلف دول العالم، سعيًا لتوفير مصدر طاقة بديل منخفض الكربون والتكلفة في آنٍ واحد، من أجل خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.
وقد أُشيد باحتمال وجود مخزونات هائلة من الهيدروجين تحت الأرض تتجدد باستمرار، نتيجةً للتفاعلات الكيميائية الحيوية الطبيعية بين الصخور والماء، بوصفها عاملًا مُغيرًا لقواعد اللعبة في هذا القطاع.
ومع ذلك، حذّر تقرير حديث -حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- من قلة الأدلة المتاحة على وجود مثل هذه الاحتياطيات من الهيدروجين الطبيعي؛ إذ ما يزال حجم الموارد المحتملة غير مؤكد، بسبب نقص البيانات.
ورغم أنه “ما يزال في مراحله الأولى”، شدد التقرير الذي نشرته الجمعية الملكية البريطانية على أن الهيدروجين الطبيعي يُمكن أن يصبح مصدرًا مهمًا للطاقة النظيفة، من خلال الجمع بين المزيد من البحث والاستثمار، ووضع سياسات داعمة للاستكشاف والاستخراج.
الهيدروجين الطبيعي في المملكة المتحدة
يستكشف تقرير “الهيدروجين الطبيعي مستقبلَ الطاقة والموارد” الإمكانات الناشئة لهذا الهيدروجين (المعروف أيضًا باسم الهيدروجين “الأبيض” أو “الذهبي”)، بوصفه مصدرًا منخفض الكربون عالميًا وفي المملكة المتحدة.
على عكس معظم الهيدروجين المستعمل حاليًا، الذي يُنتج باستعمال الوقود الأحفوري (الهيدروجين الأزرق) أو الكهرباء (الهيدروجين الأخضر) في المنشآت الصناعية، يتشكل الهيدروجين “الأبيض” من خلال تفاعلات كيميائية في قشرة الأرض.
وإذا وُجد بكميات كافية واستُخرج بأمان، فقد يُوفر بديلًا أرخص وأقل تكلفة من مصادر الهيدروجين الأخرى.
وقالت المؤلفة الرئيسة للتقرير، باربرا شيروود لولار: “يُمثّل الهيدروجين صناعة بقيمة 135 مليار دولار، وهو عنصر أساس في صناعات حيوية مثل إنتاج الأسمدة”.
وتابعت شيروود لولار، الحاصلة على زمالة الجمعية الملكية: “في ظل بحث العالم عن خيارات طاقة أنظف، يُمكن للهيدروجين الطبيعي أيضًا أن يُقدّم إضافة منخفضة التكلفة ومنخفضة الكربون إلى مجموعة أدواتنا”.
وبينما قد يدعم الهيدروجين الطبيعي انتقال المملكة المتحدة ودول أخرى إلى الطاقة النظيفة، فإن مزاعم توافره غير المحدود والمتجدد لا أساس لها من الصحة، وما يزال العديد من الأسئلة الأساسية دون إجابة، بحسب ما جاء في التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وشدد التقرير على أنه ستكون هناك حاجة إلى تقييم واختبار شاملين لضمان تحديد احتياطيات الهيدروجين الحقيقية بدقّة، وعدم الخلط بينها وبين كميات الهيدروجين الصغيرة التي تنتجها الميكروبات في البيئات القريبة من السطح.
كما أن البحث والاستكشاف المنسّقين لاكتشاف كمية الهيدروجين الموجودة تحت الأرض، وأين يمكن العثور عليها، وكيف يمكن استخراجها بأمان، سيكونان حاسمين لفهم الدور الذي يمكن أن يؤديه الهيدروجين الطبيعي في مستقبل منخفض الكربون.
وأضافت: شيروود لولار: “هذه ليست حمى الذهب (اكتشاف جديد للذهب).. مع تزايد الاهتمام، نحتاج إلى التأكد من مواصلة النقاش حول الأدلة.. نحن بحاجة إلى علم متين، وبيانات جيدة، ورؤية واقعية لما هو ممكن لضمان عدم تجاوز الضجة الإعلامية حدّها”.

عقبات اكتشاف الهيدروجين الطبيعي
وفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، يُنتَج الهيدروجين الطبيعي ويتراكم تحت الأرض من خلال عمليات طبيعية يُمكن الوصول إليها باستعمال طرق الحفر المُعتمدة، وقد يكون ذا جدوى اقتصادية إذا جرى تجميعه وتخزينه في خزانات ذات حجم كافٍ.
وشدد تقرير الجمعية الملكية البريطانية على أنه يوجد العديد من المواقع حول العالم التي تتمتع بإمكانات الهيدروجين الطبيعي، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث والاستكشاف لتحديد مدى وموقع الحقول المجدية تجاريًا (مثل نقاء الهيدروجين، وحجمه، وعمقه، وسهولة الوصول إليه).
وأشار إلى أنه من المُرجّح أن تكون انبعاثات الكربون الناتجة عن استغلال الهيدروجين الطبيعي مُماثلة لانبعاثات الهيدروجين الأخضر أو أقل منها.
ولكن، ما تزال التكلفة الحقيقية للهيدروجين الطبيعي غير مُثبتة، حيث لم يُنتَج ويُبَع بكميات كبيرة بعد، وفي حال وجود مخزون كافٍ من الهيدروجين عالي النقاء وسهل الوصول إليه، تشير تقديرات التكلفة المنشورة إلى أن الهيدروجين الطبيعي قد يكون منافسًا قويًا لأنواع أخرى من الهيدروجين.
وشدد التقرير على أن المملكة المتحدة تفتقر حاليًا إلى بيانات ومعارف كافية لتحديد ما إذا كانت لديها رواسب كبيرة من الهيدروجين الطبيعي؛ إذ لم يُجرَ أيّ تقييم وطني للإمكانات، على الرغم من التكوينات الجيولوجية الواعدة في إسكتلندا وكورنوال حيث يُمكن أن يتشكل.
كما يُشكّل نقص التشريعات والأطر التنظيمية الداعمة عائقًا أمام استكشاف الهيدروجين الطبيعي، سواءً في المملكة المتحدة أو عالميًا.
وقد بدأت بعض الدول بإصدار تراخيص استكشاف مخصصة لمعالجة هذه المشكلة، إلّا أن تسهيل إجراءات التصاريح والتراخيص سيكون ضروريًا لتسريع جهود الاستكشاف.
ولكن نظرًا لامتلاكها مواقع جيولوجية تتيح إمكان إنتاج الهيدروجين، ولو نظريًا، فإن المملكة المتحدة تستطيع الاستفادة والإسهام في الزخم العالمي لفهم إمكانات الهيدروجين ورسم خرائطها وآفاقه.
موضوعات متعلقة..
- اكتشاف أكبر احتياطي من الهيدروجين الطبيعي في العالم.. ثروة ضخمة
- استكشاف 10 ملايين طن من الهيدروجين الطبيعي بتقنية غير مسبوقة
- التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي.. 4 عقبات قد تهدم الفكرة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- 3 مؤسسات كبرى ترسم ملامح الطلب على النفط في 2025 و2026
- تطور اكتشافات غاز على يد شركة عربية.. احتياطياتها 8 تريليونات قدم مكعبة
- تحويل مناجم الفحم إلى محطات طاقة شمسية قد يوفر 300 غيغاواط كهرباء نظيفة
- نقص إنتاج الليثيوم.. هل يكتب نهاية صناعة السيارات الكهربائية؟
المصدر: