تحالف من 4 دول لتطوير تدوير البطاريات لكسر هيمنة الصين على المعادن النادرة

تشكّل صناعة إعادة تدوير البطاريات فرصة أمام العديد من دول العالم لتأمين احتياجاتها من المعادن الأرضية النادرة، التي تهيمن عليها الصين، وتعدّ ضرورة لرحلة تحول الطاقة، بما في ذلك السيارات الكهربائية وتخزين الكهرباء وغيرها من التقنيات.
واستغلت الصين هيمنتها على سوق المعادن النادرة عالميًا بوصفها سلاحًا في حرب الرسوم الجمركية التي نزع فتيلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بزعم اختلال الميزان التجاري، ولدعم صناعة بلاده.
وتمتلك الصين أكبر احتياطيات في العالم من المعادن الأرضية النادرة، كما تسيطر على قدرات الإنتاج والتكرير؛ إذ تستخرج 61% منها وتنقي 92%، بحسب قاعدة معلومات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وفي أبريل/نيسان الماضي (2025)، قررت بكين تعليق صادرات 7 معادن نادرة ومغانط أساسية للحياة العصرية والدفاع مثل توربينات الرياح ومراكز البيانات والسيارات الكهربائية والطائرات والروبوتات والصواريخ، وهو حق لها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وفي مواجهة شُح الإمدادات العالمية، اجتمع ممثلون لـ4 دول -هي الهند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة- لتطوير صناعة إعادة تدوير البطاريات بوصفه خيارًا إستراتيجيًا أكثر منه حاجة بيئية لسدّ الاحتياجات.
بدوره، طلب ترمب من وزارته للتجارة دعم الإنتاج الأمريكي وتقليص الاعتماد على الواردات، ونجحت إدارته قبل أسبوع في التوصل لاتفاق مع الصين لتسريع الإمدادات، لكن الشكوك تحوم حوله.
إعادة تدوير البطاريات في الهند
أجبرت قيود الصين على صادرات المعادن الأرضية النادرة دولًا كثيرة على إعادة التفكير في طريقة للتعويض والشكل الجديد لسلسلة التوريد العالمية لحلّ أزمات تأخير الإنتاج وارتفاع التكاليف.
وفي الهند، يبدو خيار إعادة تدوير البطاريات أكثر جدوى وخيارًا إستراتيجيًا، كما يجعل من الهند بديلًا موثوقًا وديمقراطيًا لاستخراج المعادن النادرة من النفايات.
في المقابل، يبدو خيار التنقيب عن الليثيوم وبناء قدرات التكرير أكثر تكلفة، كما أنه ليس حلًا فوريًا أو قابلًا للتوسعة.
وبغرض تنويع مصادر الإمدادات التي تهيمن عليها الصين، من المقرر عقد حوار هندي ياباني الأسبوع الجاري حول إعادة تدوير البطاريات.

سبق ذلك انعقاد مؤتمر البطاريات والمعادن الحرجة أمس الثلاثاء (الأول من يوليو/تموز) داخل السفارة اليابانية بنيودلهي، الذي شهد مباحثات تستهدف بصورة رئيسة تحقيق المرونة لسلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة بحضور مسؤولين وممولين ورجال أعمال من اليابان والهند وأستراليا والولايات المتحدة.
تشمل المباحثات دعم التمويلات والعملاء الأساسيين للشركات الجديدة بسوق إعادة التدوير والتكرير في الهند، وإجراء الأبحاث، واتفاقيات الشراء طويلة الأمد.
وأعلنت الدول الأربع بيانًا مشتركًا بإطلاق المبادرة الرباعية للمعادن النادرة بهدف التعاون لتأمين وتنويع سلاسل التوريد من أجل تقليل الاعتماد على الصين، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن شبكة “فرانس 24”.
ويقول البيان، إن الاعتماد على أيّ دولة لمعالجة وتكرير المعادن النادرة ومنتجاتها “يجعل صناعاتنا عُرضة لاتخاذ إجراءات اقتصادية قسرية والتلاعب بالأسعار واختلال سلسلة التوريد”.
سياسة المعادن النادرة في أميركا
حذّر المدير وكبير محللي السياسات في شركة لونغ فيو غلوبال (Longview Global) ديوارديك مكنيل من ضعف الموقف الأميركي في حرب المعادن النادرة بسبب السياسات الحكومية، داعيًا لاتخاذ خطوات عاجلة.
وفي مقالة بعنوان “الولايات المتحدة تخسر حرب المعادن النادرة أمام الصين”، قال الخبير والمحلل، إنه بتعليقها صادرات المعادن الأرضية النادرة، تستعرض بكين عضلاتها أمام العالم، بل واستعدادها وقدرتها على استغلال اعتماد أميركا والعالم عليها بصفتها سلاحًا، وأيضًا تكشف مدى هشاشة وضع الإمدادات العالمية.

ولم يكن ذلك وليد اللحظة بل نتاج عقود من الدعم الحكومي لقطاعات المعالجة، مع التركيز على عمليات الاستحواذ العالمية والتوسع في الإنتاج بوتيرة أسرع بكثير من الغرب.
والآن، تهيمن الصين على 70% تقريبًا من قدرات تعدين المعادن الأساسية، وأكثر من 90% من قدرات تكريرها، كما تُنتج 92% من مغانط النيوديميوم الحديد البورون المستعملة في الغواصات والسيارات الكهربائية.
وعلى مدار أكثر من 15 عامًا مضت، تُدرك الولايات المتحدة حقيقة أن سلاسل توريد المعادن النادرة تتركز بأيدٍ معدودة وشديدة الهشاشة وعُرضة لاستغلال الصين وسيطرتها، لكن الإدارات المتعاقبة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي فشلت في اتخاذ إجراء.
وكانت عواقب ذلك الفشل هو أن “الصين أمسكت برقبتنا”، وتسللت إلى قطاعات التجارة والدفاع الأميركية، بحسب الكاتب.
إذ أعلنت الولايات المتحدة توصُّلها إلى إطار عمل تجاري جديد مع الصين يوم الخميس الماضي (26 يونيو/حزيران)، ينص على استئناف الموافقات على تراخيص صادرات المعادن الأرضية النادرة في غضون ستة أشهر.
وإذ أشاد المسؤولون الأميركيون بالإعلان، فإن الغموض والشكوك يُحيطان به من الجهات كافة، وخاصة بشأن المقابل وطريقة التنفيذ من بين أخرى.
وعلى أرض الواقع، لا تبدو الترتيبات التجارية حلًا لاضطرابات سلاسل التوريد، بل يحتاج الأمر إلى الشفافية وإصدار الموافقات في الوقت المناسب والتخطيط طويل الأمد.
ولحلّ الأزمة، طالب الكاتب مكنيل واشنطن بالنظر إلى المعادن النادرة بوصفها قوة جيوسياسية، وليست مجرد سلعة، وهو ما تفعله الصين بالفعل.
وللإفلات من قبضة الصين، يتطلب الأمر إصدار المزيد من تراخيص التعدين والتمويل قصيرة الأمد، وبناء إستراتيجية متماسكة وطويلة الأمد لبناء سلسلة توريد متكاملة لا تعتمد على القدرات المحلية فحسب، بل على الحلفاء والشركاء الموثوقين أيضًا.
موضوعات متعلقة..
- تاتا موتورز تتجاهل قيود الصين على المعادن النادرة: مستمرون بإنتاج السيارات
- سباق المعادن النادرة يصل دولة أفريقية
- تقديرات المعادن النادرة في أوكرانيا تبلغ 15 تريليون دولار.. ترمب يريدها مقايضة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- ارتفاع سعة تكرير النفط العالمية في 2024.. ودولة عربية ضمن الـ10 الكبار
- احتياطيات النفط والغاز في الولايات المتحدة.. كم ارتفعت منذ ثورة الصخري؟ (رسوم بيانية)
- آخر تطورات غرق حفار نفط في مصر.. كيف تأثر سهم أديس السعودية؟
- صفقة لتنفيذ محطة رياح جديدة في السعودية بقدرة 700 ميغاواط
المصادر:
- إعادة تدوير البطاريات في الهند شريان حياة بسبب قيود الصين على المعادن النادرة، من “إنديا تايمز”
- مقال “أميركا تخسر حرب المعادن النادرة أمام الصين”، من شبكة “سي إن بي سي”